الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          476 - مسألة : ومن ابتدأ الصلاة مريضا مومئا أو قاعدا أو راكبا لخوف ثم أفاق أو أمن - : قام المفيق ونزل الآمن ، وبنيا على ما مضى من صلاتهما ، وأتما ما بقي ، وصلاتهما تامة ، سواء كان ما مضى منها أقلها أو لم يكن إلا التكبير ، أو لم يبق منها إلا السلام فما بين ذلك ، كل ذلك سواء ؟ .

                                                                                                                                                                                          ومن ابتدأ صلاته صحيحا قائما إلى القبلة ، ثم مرض مرضا أصاره إلى القعود ، أو إلى الإيماء ، أو إلى غير القبلة . أو خاف فاضطر إلى الركوب والركض والدفاع - : فليبن على ما مضى من صلاته ، وليتم ما بقي ، كما ذكرنا سواء ولا فرق ، لما ذكرنا من قوله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } .

                                                                                                                                                                                          ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ؟ } . وهو قول مالك ، وزفر ، وأبي سليمان ، وغيرهم . وقال الشافعي : إن أمن بعد الخوف فنزل بنى وتمت صلاته ، وإن خاف بعد الأمن فركب ابتدأ الصلاة قال علي : وهذا تقسيم فاسد ، وتفريق - على أصله - بين قليل العمل وكثيره ، وهو أصل في غاية الفساد .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 92 ] وقال تعالى : { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } .

                                                                                                                                                                                          وقد صلى بعض الصحابة ماشيا إلى عدوه . وقال أبو حنيفة : من ابتدأ الصلاة جالسا لمرض به ثم صح في صلاته فإنه يبني ، لا يختلف قوله في ذلك .

                                                                                                                                                                                          واختلف قوله في الذي يفتتحها مومئا لمرض به ثم يصح فيها ، وفي الذي يفتتحها صحيحا قائما ثم يمرض فيها مرضا ينقله إلى القعود أو إلى الإيماء مضطجعا . فمرة قال : يبني ، ومرة قال : يبتدئها ولا بد ، وسواء أصابه ذلك بعد أن قعد مقدار التشهد وقبل أن يسلم ، أو أصابه قبل ذلك

                                                                                                                                                                                          وهذه الرواية في غاية الفساد ، والتفريق بالباطل الذي لا يدرى كيف يتهيأ في عقل ذي عقل قبوله من غير رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى { إن هو إلا وحي يوحى } من الخالق الذي { لا يسأل عما يفعل وهم يسألون } .

                                                                                                                                                                                          وقال أبو يوسف : إن افتتح صحيحا قائما ثم مرض فانتقل إلى الإيماء أو إلى الجلوس ، أو افتتحها مريضا قاعدا ثم صح - : فإن هؤلاء - ما لم ينتقل حالهم قبل أن يقعدوا مقدار التشهد - : فإنهم يبنون . قال : ومن افتتحها مريضا مومئا ثم صح فيها - قبل أن يقعد مقدار التشهد : - فإنه يبتدئ ولا بد ؟ وقال محمد بن الحسن : من افتتحها مريضا قاعدا ، أو مومئا ثم صح فيها فإنه يبتدئ الصلاة ولا بد . ومن افتتحها قائما ثم مرض فيها قبل أن يقعد مقدار التشهد فصار إلى القعود أو إلى الإيماء فإنه يبني ؟ قال علي : وهذه أقوال في غاية الفساد بلا برهان ، وإنما ذكرناها لنري أهل السنة مقدار فقه هؤلاء القوم وعلمهم

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية