الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          وأما وجوب رمي جمرة العقبة ، فلما رويناه من طريق أبي داود نا نصر بن علي الجهضمي نا يزيد بن زريع أنا خالد هو الحذاء - عن عكرمة عن ابن عباس { أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أمسيت ، ولم أرم قال : ارم ولا حرج } .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق البخاري عن عبد الله بن يوسف نا مالك عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة عن عبيد الله عن عبد الله بن عمرو بن العاص { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع فجعلوا يسألونه ؟ فقال له رجل : لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي ؟ قال : ارم ولا حرج } فأمر عليه السلام برميها فوجب فرضا .

                                                                                                                                                                                          فإن قيل : إن في هذا الخبر أنه عليه السلام قال : { اذبح ولا حرج } فأوجبوا الذبح فرضا ؟ قلنا : إن كان ذلك الذبح منذورا أو هديا واجبا ؟ فنعم هو فرض ، وإن كان تطوعا فيكفي من البرهان على أنه ليس ذبحه فرضا تيقن العلم بأنه تطوع لا فرض .

                                                                                                                                                                                          روينا من طريق الحذافي عن عبد الرزاق عن معمر قال : قال الزهري فيمن لم يرم الجمرة : إن ذكر وهو بمنى رمى ، وإن فاته ذلك حتى نفر فإنه يحج من قابل ويحافظ على المناسك - وبه يقول داود ، وأصحابنا ، ولا يجزئ الرمي إلا بحصى كحصى الخذف لا أصغر ، ولا أكبر ; لما روينا من طريق مسلم - : نا محمد بن رمح عن الليث هو ابن سعد - عن أبي الزبير عن أبي معبد مولى ابن عباس عن [ ص: 131 ] الفضل بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { عليكم بحصى الخذف الذي ترمى به الجمرة } .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق أحمد بن شعيب أنا يعقوب بن إبراهيم هو الدورقي - نا إسماعيل بن إبراهيم هو ابن علية - نا عوف هو ابن أبي جميلة - نا زياد بن حصين عن أبي العالية قال : { قال ابن عباس : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة العقبة وهو على راحلته هات القط لي ؟ فلقطت له حصيات ، هي حصى الخذف ، فلما وضعتهن في يده قال : بأمثال هؤلاء بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين } .

                                                                                                                                                                                          وقال مالك : أحب أكبر من حصى الخذف ; وهذا قول في غاية الفساد لتعريه من البرهان ومخالفة الأثر الثابت - : روينا من طريق ابن أبي شيبة نا أبو خالد الأحمر عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر عن عبد الله ، وابن الزبير ، قالا جميعا : مثل حصى الخذف ، ولا مخالف لهما لا من صاحب ، ولا من تابع ; وهذان الأثران يبطلان قول من قال : يجزئ الرمي بغير الحصى

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية