الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          956 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          وإن نفل الإمام من رأس الغنيمة - بعد الخمس وقبل القسمة - من رأى أن ينفله ممن أغنى عن المسلمين ، وممن معه من النساء اللواتي ينتفع بهن أهل الجيش ، ومن قاتل ممن لم يبلغ : فحسن . [ ص: 407 ]

                                                                                                                                                                                          وإن رأى أن ينفل من أتى بمغنم في الدخول ربع ما ساق بعد الخمس فأقل ، أو ثلث ما ساق بعد الخمس فأقل ، لا أكثر أصلا : فحسن ، لما رويناه من طريق مسلم نا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي عن جدي حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسمة عامة الجيش ، والخمس في ذلك واجب كله }

                                                                                                                                                                                          ومن طريق أبي داود نا محمود بن خالد نا مروان بن محمد نا يحيى بن حمزة قال : [ سمعت : أبا وهب يقول ] : سمعت مكحولا قال : سمعت زياد بن جارية سمعت حبيب بن مسلمة يقول { شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل الربع في البداءة والثلث في الرجعة }

                                                                                                                                                                                          ومن طريق محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد بن المثنى نا عبد الرحمن بن مهدي نا سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن الحارث عن سليمان بن موسى عن مكحول عن أبي سلام ممطور الحبشي عن أبي أمامة الباهلي عن عبادة بن الصامت { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل في البداءة الربع وفي القفول الثلث }

                                                                                                                                                                                          ومن طريق ابن أبي شيبة نا عفان بن مسلم عن أبي عوانة عن عاصم بن كليب عن أبي الجويرية قال لي معن بن يزيد السلمي " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لا نفل إلا من بعد الخمس }

                                                                                                                                                                                          وقال بهذا طائفة من السلف . روينا من طريق حماد بن سلمة نا داود بن أبي هند عن الشعبي أن جرير بن عبد الله البجلي قدم على عمر بن الخطاب في قومه يريد الشام فقال له عمر : هل لك أن تأتي الكوفة وأنفلك الثلث من بعد الخمس من كل أرض وشيء ؟

                                                                                                                                                                                          [ ص: 408 ] ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني سليمان بن موسى قال : كان الناس ينفلون أكثر من الثلث حتى إذا كان عمر بن عبد العزيز كتب أنه لم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل بأكثر من الثلث - وهو قول الأوزاعي ، وأبي سليمان .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : الخمس قد جعله الله تعالى لأهله الذين سمى ، فالنفل منه من سهم النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، وهو خمس الخمس ، وسائر الغنيمة للغانمين ، فلا يحل أن يخرج منه شيء إلا ما أباح الله تعالى إخراجه ، أو أوجب إخراجه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وليس إلا السلب جملة للقاتل ، وتنفيل ما ذكرنا من الربع فأقل ، أو الثلث في القفول فأقل .

                                                                                                                                                                                          وكذلك كما روينا عن أنس ، وسعيد بن المسيب ، لا نفل إلا بعد الخمس وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية