الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
باب السلم في المرض ( قال رحمه الله ) : الأصل في مسائل هذا الباب أن تبرع المريض بالأجل يكون معتبرا من ثلثه بمنزلة تبرعه بأصل المال بالهبة أو الإبراء وهذا ; لأن الحيلولة تقع بين الورثة وبين المال عند موت المريض بسبب الأجل ، كما تقع الحيلولة بسبب الهبة ، والإبراء ولأن ما زاد على الثلث حق الورثة وتصرفه في حق الغير بالتأجيل باطل كتصرفه بالإسقاط وأصل إجرائه إذا جمع في تبرعه بين المال ، والأجل فإنه يقدم في ثلث ماله التبرع بأصل المال حتى إذا استغرق الثلث لم يصح تأجيله في شيء ; لأن التأجيل تبرع من حيث تأخير المطالبة مع بقاء أصل المال ، والمحاباة تبرع بأصل المال ولا شك أن التبرع بأصل المال أقوى ولا مزاحمة بين الضعيف ، والقوي في الثلث إذا عرفنا هذا فنقول : إذا سلم المريض مائة درهم في عشرة أكرار حنطة إلى رجل بأجل معلوم ونقد الدراهم ولا مال له غيرها ، ثم مات قبل حل الأجل ، والطعام يساوي مائة ، فالمسلم إليه بالخيار إن شاء عجل ثلثي الطعام ، فكان الثلث عليه إلى أجله ، وإن شاء رد عليهم رأس المال إلا إن شاء الورثة أن يؤخروا عنه الطعام إلى أجله ; لأن تبرع المريض كان بالأجل ، فإنما صح في ثلث ماله ، وعلى المسلم إليه أن يجعل ثلثي الطعام إلا أنه يثبت له الخيار [ ص: 39 ] لأنه تغير عليه شرط عقده ، فإنه ما رضي بأنه يطالب بحكم هذا العقد بشيء من الطعام قبل حل الأجل ، فإذا توجهت المطالبة عليه به فقد تغير عليه شرط عقده ، وذلك يثبت الخيار لانعدام تمام الرضى فله أن يفسخ العقد ويرد عليهم رأس المال إلا أن يشاء الورثة أن يؤخروا عنه الطعام إلى أجل ; لأنهم إذا نفذوا التأجيل في جميع الطعام فقد سلم له شرط عقده فلا خيار له في الفسخ .

وإن لم يتخير شيئا حتى مات حل الأجل وبطل الخيار ; لأنه لم يتغير موجب العقد هنا ، فإن الأجل يحل بموت المسلم إليه وتتوجه المطالبة بحكم العقد ، أما لوقوع الاستغناء له عن الأجل أو ; لأن الدين لما صار في معنى التحول إلى التركة كان بمنزلة العين ، والعين لا تقبل الأجل ، وإن كان بموت رب السلم فقد حل الأجل ، فالطعام حال على المسلم إليه ولا خيار له فيه ; لأنه لم يتغير عليه شرط عقده

التالي السابق


الخدمات العلمية