الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا خاف رب الدار أن يتبعه المستأجر في رد الدار بعد مضي مدة الإجارة وأجرها منه سنة من يومه على أن أجرتها بعد مضي السنة تكون كل يوم دينارا فيجوز العقد على هذا الوجه ; لأن العقد بعد مضي السنة يكون مضافا إلى وقت في المستقبل وإضافة الإجارة إلى وقت في المستقبل صحيح فبعد مضي السنة لا يمتنع المستأجر من رد الدار مخافة أن يلزمه كل يوم دينار ، فإن قال المستأجر : أنا لا آمن أن يغيب رب الدار بعد مضي السنة فلا يمكنني أن أردها عليه ، ويلزمني كل يوم دينار فالحيلة في ذلك : أن يجعلا بينهما عدلا ويستأجر المستأجر الدار من العدل بهذه الصفة حتى إذا مضت السنة ، وتغيب رب الدار يتمكن المستأجر من ردها على العدل فلا يلزمه الدينار باعتبار كل يوم بعد ذلك ، وعلى هذا لو استأجر دارا كل شهر بكذا فلزوم العقد يكون في شهر واحد ، فإذا تم الشهر فلكل واحد منهما أن يفسخ العقد في الليلة التي يهل فيها الهلال فالحيلة : أن يمضيه قبل الفسخ ليلزم العقد في رأس الشهر الداخل ، فإذا خاف المستأجر أن يبعث الأجر في الليلة التي يهل فيها الهلال فالحيلة أن يجعلا بينهما عدلا حتى يتمكن من فسخ الإجارة مع العدل عند رأس الشهر ، ومن أصحابنا رحمهم الله من يقول إذا أدى الأجر في وسط الشهر ، ومن عزمه الفسخ عند مضي الشهر ينبغي أن يقول له إذا جاء رأس الشهر فقد فسخت العقد بيني وبينك ، وهذا فاسد ; لأنه تعليق الفسخ بالشرط وذلك لا يجوز ولكن ينبغي أن يقول له : فسخت الإجارة بيني وبينك رأس الشهر فتكون هذه [ ص: 219 ] إضافة الفسخ إلى وقت في المستقبل ، ولا تكون تعليقا بالشرط ، وكما تصح إضافة الإجارة إلى وقت في المستقبل ، وإن كان لا يجوز تعليقها بالشرط ، فكذلك يجوز إضافة الفسخ إلى وقت في المستقبل ، وهذا يجوز ، وإن كان لا يجوز تعليقه بالشرط .

التالي السابق


الخدمات العلمية