الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) ومن وقف بعرفة بعد الزوال ثم أفاض من ساعته أو أفاض قبل غروب الشمس أو صلى بها الصلاتين ، ولم يقف أو أفاض أجزأه عندنا ، وعلى قول مالك رحمه الله تعالى لا يجزئه إلا أن يقف في اليوم وجزء من الليل ، وذلك بأن تكون إفاضته بعد غروب الشمس ، واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم { من أدرك عرفة بليل فقد أدرك الحج ، ومن فاته عرفة بليل فقد فاته الحج } ، ولكنا نقول : هذه الزيادة غير مشهورة ، وإنما المشهور رواه في الكتاب ، ومن فاته عرفة فقد فاته الحج ، وفيما روينا ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم { ساعة من ليل أو [ ص: 56 ] نهار } دليل على أن بنفس الوقوف في وقته يصير مدركا للحج ، وإن لم يستدم الوقوف إلى وقت غروب الشمس ثم يجب عليه الدم إذا أفاض قبل غروب الشمس ; لأن نفس الوقوف ركن ، واستدامته إلى غروب الشمس واجبة لما فيها من إظهار مخالفة المشركين فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر به ، وترك الواجب يوجب الجبر بالدم . فإن رجع ووقف بها بعدما غابت الشمس لم يسقط الدم إلا في رواية ابن الشجاع عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى فإنه يقول : يسقط عنه الدم قال ; لأنه استدرك ما فاته ، وأتى بما عليه ; لأن الواجب عليه الإفاضة بعد غروب الشمس ، وقد أتى به فيسقط عنه الدم كمن جاوز الميقات حلالا ثم عاد إلى الميقات وأحرم ، وفي ظاهر الرواية لا يسقط عنه الدم ; لأن الواجب على من وصل إلى عرفات بعد الزوال استدامة الوقوف إلى غروب الشمس ، ولم يتدارك ذلك بالانصراف بعد الشمس فلا يسقط عنه الدم ، وإن عاد قبل غروب الشمس حتى أفاض مع الإمام فذكر الكرخي في مختصره أن الدم يسقط عنه ; لأن الواجب عليه الإفاضة مع الإمام بعد غروب الشمس ، وقد تدارك ذلك في وقته .

ومن أصحابنا من يقول لا يسقط الدم هنا أيضا ; لأن استدامة الوقوف قد انقطعت بذهابه فبرجوعه لا يصير وقوفه مستداما بل ما فات منه لا يمكنه تداركه فلا يسقط عنه الدم

التالي السابق


الخدمات العلمية