الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال : ) ولا يتزوج العبد أكثر من اثنتين ، وقال مالك رحمه الله تعالى له أن يتزوج أربعا ; لأن الرق لا يؤثر في مالكية النكاح حتى لا يخرج من أن يكون أهلا لملك النكاح وما لا يؤثر فيه الرق فالعبد والحر فيه سواء كملك الطلاق وملك الدم في الإقرار بالعقود ، ومذهبنا مروي عن عمر رضي الله عنه قال : لا يتزوج العبد أكثر من اثنتين ولأن الرق مؤثر في تنصيف ما كان متعددا في نفسه كالجلدات في الحدود وعدد الطلاق وأقراء العدة ، وهذا لأن ملك النكاح مبني على الحل الذي يصير به أهلا للنكاح ، وذلك الحل يتسع بزيادة الفضيلة ويتضيق بنقصان الحال .

ألا ترى { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مخصوصا بإباحة تسع نسوة } لفضيلة النبوة التي اختص بها ، فكان الحل في حقه متسعا لتسع نسوة ، ولا يجوز لأحد غيره أكثر من أربع نسوة ، فكذلك يتسع الحل لفضيلة الحرية فيتزوج الحر أربعا ، ولا يتزوج العبد إلا اثنتين ، يوضحه أن الرق ينصف الحل ، ألا ترى أن في جانب الأمة يتنصف حلها بالرق ، حتى أن ما ينبني على الحل وهو القسم يكون حالها فيه على النصف من حال الحرة ، وكذلك ما يجب على المستوفي لهذا الحل بغير طريقه وهو الحل يتنصف بالرق حتى يجب على العبد بالزنا خمسون جلدة ، وعلى الحر مائة جلدة ، وإذا ثبت أن الحل يتنصف بالرق وعليه ينبني عدد المنكوحات فقلنا : حال العبد فيه على النصف من حال الحر فيتزوج ثنتان الحرتان والأمتان في ذلك سواء والشافعي رحمه الله تعالى هنا لا يخالفنا ; لأن في حق العبد نكاح الأمة أصل وليس ببدل ، إذ ليس فيه تعريض شيء للرق ، فإنه رقيق بجميع أجزائه ، فلهذا جوز له نكاح الأمتين ، وعلى هذا الأصل يقول الشافعي رضي الله تعالى عنه للعبد أن يتزوج أمة على حرة ، ولكنا نقول : لا يجوز ; لأن الأمة ليست من المحللات مضمومة إلى الحرة في حق الحر فكذلك في حق العبد والمدبر والمكاتب ، وابن أم الولد في هذا كالعبد [ ص: 125 ] لأن الرق المنصف للحل فيهم قائم .

التالي السابق


الخدمات العلمية