الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : وإذا قال المريض لامرأته : قد طلقتك ثلاثا في صحتي ، وانقضت عدتك وصدقته بذلك ، فلا ميراث لها ; لأن ما تصادقا عليه كالمعاين ، أو كالثابت بالبينة في حقهما ; ولأن الحق في الميراث لها ، وقد أقرت بما يسقط حقها ، فإن أقر لها بدين ، أو أوصى لها بوصية فهو جائز في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى كما يجوز لأجنبية أخرى الإقرار من جميع المال ، والوصية من الثلث ، وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لها الأقل من ميراثها ومما أقر ، أو أوصى به .

هما يقولان قد صارت أجنبية منه حتى أنها لا ترثه ، ولها أن تتزوج في الحال ، فإقراره لها كإقراره لأجنبية أخرى ، ولو اعتبرت التهمة لاعتبرت في حق التزويج ; لأن الحل ، والحرمة يؤخذ فيهما بالاحتياط ، فإذا كان يجوز له أن يتزوج بأختها وأربع سواها ، ويجوز لها أن تتزوج بزوج آخر عرفنا أنه لا تهمة ; ولأن المانع من صحة الإقرار ، والوصية لها كونها وارثة له ، وذلك ينعدم بالحكم بانقضاء عدتها بيقين وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول : لما مرض ، والنكاح قائم بينهما في الظاهر ، فقد صار ممنوعا عن الإقرار ، والوصية لها فيحتمل أنه واضعها على أن تقر بالطلاق في صحته ، وبانقضاء عدتها ، وتصدقه على ذلك ; لتصحيح إقراره ووصيته لها ، ولكن هذه التهمة في الزيادة على قدر الميراث ، فأما في مقدار الميراث لا تهمة ; فلهذا جعلنا لها الأقل ، وأبطلنا الزيادة على ذلك للتهمة كما لو [ ص: 166 ] سألته في مرضه أن يطلقها ثلاثا ففعل ، ثم أقر لها بدين ، أو ، أوصى لها بوصية لا تصح إلا في الأقل ; لتمكن تهمة المواضعة في الزيادة على ذلك ، وهذه التهمة فيما بينهما وبين سائر الورثة لا في حق الشرع ، وحل التزوج حق الشرع ; فلهذا صدقا على ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية