الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال ( ولا يجوز لمن فاته ظهر أمسه أن يقتدي بمن يصلي ظهر يوم غير ذلك ) وها هنا مسائل . إحداها اقتداء المتنفل بالمفترض فهو جائز بالاتفاق لقوله صلى الله عليه وسلم { سيكون أمراء بعدي يؤخرون الصلاة عن مواقيتها فإذا فعلوا فصلوا أنتم في بيوتكم ثم صلوا معهم واجعلوا صلاتكم معهم سبحة } أي نافلة ، ولأن المقتدي بنى صلاته على صلاة إمامه كما أن المنفرد يبني آخر صلاته على أول صلاته ، وبناء النفل على تحريمة انعقدت للفرض يجوز وكذلك اقتداء المتنفل بالمفترض فأما المفترض إذا اقتدى بالمتنفل عندنا فلا يصح الاقتداء .

وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه يصح لحديث معاذ رضي الله تعالى عنه أنه كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يأتي قومه فيصلي بهم ولأن المشاركة بين الإمام والمقتدي في التحريمة ، والنفل والفرض يستدعي كل واحد منهما تحريمة مطلقة [ ص: 137 ] فكما يجوز اقتداء المتنفل بالمفترض فكذلك المفترض بالمتنفل .

( ولنا ) قوله صلى الله عليه وسلم { الإمام ضامن } معناه تتضمن صلاته صلاة القوم وتضمين الشيء فيما هو فوقه يجوز وفيما هو دونه لا يجوز وهو المعنى في الفرق ، فإن الفرض يشتمل على أصل الصلاة والصفة ، والنفل يشتمل على أصل الصلاة فإذا كان الإمام مفترضا فصلاته تشتمل على صلاة المقتدي وزيادة فصح اقتداؤه به وإذا كان الإمام متنفلا فصلاته لا تشتمل على ما تشتمل عليه صلاة المقتدي فلا يصح اقتداؤه به لأنه بنى القوي على أساس ضعيف .

وحديث معاذ تأويله كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بنية النفل ليتعلم منه سنة القراءة ثم يأتي قومه فيصلي بهم الفرض ، وهذا على أن تغاير الفرضين عندنا يمنع صحة الاقتداء حتى إذا اقتدى مصلي الظهر بمصلي العصر أو مصلي عصر يومه بمصلي عصر أمسه لم يجز الاقتداء . وعند الشافعي رحمه الله يجوز .

وإذا اقتدى مصلي الظهر بمصلي الجمعة أو مصلي الظهر بالمصلي على الجنازة فله فيه وجهان وهذا الخلاف ينبني على أصل نذكره بعد هذا هو أن المشاركة بين الإمام والمقتدي لا تقوى عنده حتى إذا تبين أن الإمام محدث فصلاة المقتدي عنده صحيحة . وعندنا المشاركة تقوى بينهما فتغاير الفرضين يمنع صحة المشاركة ثم المذكور في هذا الباب أنه يصير شارعا في التطوع مقتديا بالإمام حتى لو ضحك قهقهة يلزمه الوضوء ; لأن الاقتداء في أصل الصلاة صحيح إنما لا يصح في الجهة .

وفي باب الحدث قال : لا يصير شارعا حتى لو قهقه لا يلزمه الوضوء . وما ذكر هنا قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى بناء على أصلهما أن أصل الصلاة ينفصل عن الجهة ابتداء وبقاء وما ذكر بعد هذا قول محمد رحمه الله تعالى بناء على مذهبه أن الجهة متى فسدت صار خارجا من الصلاة وعليه نص في زيادات الزيادات

التالي السابق


الخدمات العلمية