الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ثم يعتق المكاتب بأداء المال سواء قال له إذا أديت إلي فأنت حر أو لم يقل له وللشافعي قول : أنه لا بد من أن يضمر هذا بقلبه ، ويظهر بلسانه .

وهذا بعيد لما بينا أن العتق عند الأداء حكم العقد وثبوت الحكم بثبوت السبب ، والقصد إلى الحكم ، والتكلم به بعد مباشرة العقد ليس بشرط كما في البيع فإن إضمار التمليك بالقلب وإظهاره باللسان ليس بشرط لثبوته عند مباشرة البيع فهذا مثله ، وإن عجز عن أول نجم منها أو كانت حالة فلم يؤدها حين طالبه بها رد في الرق لتغير شرط العقد وتمكن الخلل في مقصود المولى ، وقد بينا خلاف أبي يوسف في كتاب العتاق ويستوي إن شرط ذلك في الكتابة أو لم يشرط .

وحكى ابن أبي ليلى قال : هذا إذا شرط عند العقد أن يرده في الرق إذا كسر نجما فإن لم يشترط ذلك فما لم يكسر نجمين لا يرد في الرق وهذا فاسد ; لأن تمكن الخلل فيما هو مقصود العاقد يمكنه من الفسخ سواء شرط ذلك في العقد أو لم يشترط كوجود العيب بالمبيع وهذا ; لأن موجب العقد الوفاء بمقتضاه وبدونه ينعدم تمام الرضا وانعدام تمام الرضا في العقد المحتمل للفسخ يمنع ثبوت صفة اللزوم ، والعاقد في العقد الذي لا يكون لازما متمكن من الفسخ شرط ذلك أو لم يشترط كما في الوكالة ، والشركة ، فإن كاتبه على ألف منجمة فإن عجز عن نجم فمكاتبته ألفا درهم لم تجز هذه المكاتبة ; لأن هذا العقد لا يصح إلا بتسمية البدل كالبيع .

وفي باب البيع لا تصح التسمية بهذه الصفة لكونها مترددة بين الألف ، والألفين فكذلك في المكاتبة وهذا في معنى صفقتين في صفقة واحدة وقد ورد النهي في ذلك ، ثم فيه تعليق وجوب بعض البدل بالخطر ، وهو عجزه عن أداء نجم وهذا شرط فاسد تمكن فيما هو من صلب العقد ، وهو البدل فيفسد به العقد ، وقد قررنا هذا الأصل في العتاق . وإن كاتبه على ألف [ ص: 5 ] درهم على نفسه وماله وللعبد ألف درهم أو أكثر فهو جائز ولا يدخل بينه وبين عبده ربا ، قال عليه الصلاة والسلام : { لا ربا بين العبد وسيده } ، ثم مقصود المولى الإرفاق بعبده واشتراط مال العبد للعبد في الكتابة يحقق هذا المقصود ; لأنه كما لا يتمكن من الكسب إلا بمنافعه لا يتمكن من تحصيل الربح إلا برأس مال له فلتحقق معنى الإرفاق صح اشتراط ماله له ، والربا هو الفضل الخالي عن العوض والمقابلة إذا كان مستحقا بمعاوضة محضة فما يكون بطريق الإرفاق كما قررنا لا يكون ربا فإن كان في يده مال سيده لم يدخل ذلك في الكتابة ; لأنه شرط له في العقد مالا مضافا إليه وإضافة المال إلى المرء إما أن يكون بكونه ملكا له أو لكونه كسبا له ، والعبد ليس من أهل الملك فالإضافة إليه لكونه كسبا له بل يده فيه يد مولاه فهو كسائر الأموال التي في يد المولى .

وإنما يدخل في هذه التسمية كسبه من مال ورقيق وغير ذلك ; لأنه مضاف إليه شرعا قال عليه الصلاة والسلام { من باع عبدا وله مال } وكذلك ما كان سيده وهبه له أو وهبه له غيره بعلمه أو بغير علمه ; لأن ذلك كله كسبه فإنه حصل له بقبوله وعدم علم المولى لا يخرجه من أن يكون كسبا له فيدخل ذلك كله في هذه التسمية .

التالي السابق


الخدمات العلمية