الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال ( ولا يجمع بين صلاتين في وقت إحداهما في حضر ولا في سفر ) ما خلا عرفة ومزدلفة فإن الحاج يجمع بين الظهر والعصر بعرفات فيؤديهما في وقت الظهر وبين المغرب والعشاء بمزدلفة فيؤديها في وقت العشاء ، عليه اتفق رواة نسك رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فعله وفيما سوى هذين الموضعين لا يجمع بينهما وقتا عندنا ، وقال الشافعي رحمه الله : يجمع بينهما لعذر السفر والمطر ، وقال مالك : رحمه الله ولعذر المرض أيضا . وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله تعالى وقال أحمد بن حنبل يجوز الجمع بينهما في الحضر من غير عذر السفر واحتجوا بحديث معاذ { أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر في سفره إلى تبوك } وعن عائشة رضي الله عنها قالت { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الصلاتين إذا جد به السفر } وعن { ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعا جمعا وثمانيا جمعا } فالمراد بالسبع المغرب والعشاء وبالثمان الظهر والعصر وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أيضا قال { جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير عذر } .

( ولنا ) قوله تعالى { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى } أي في مواقيتها وقال تعالى { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا } أي فرضا مؤقتا وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من جمع بين صلاتين في وقت واحد فقد أتى بابا من الكبائر } وقال عمر رضي الله تعالى عنه إن من أكبر الكبائر الجمع بين الصلاتين فكما لا يجمع بين العشاء والفجر ولا بين الفجر والظهر لاختصاص كل واحد منهما بوقت منصوص عليه شرعا فكذلك الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء .

وتأويل الأخبار أن الجمع بينهما كان فعلا لا وقتا وبه نقول ، وبيان الجمع فعلا أن المسافر يؤخر الظهر إلى آخر الوقت ثم ينزل فيصلي الظهر ثم يمكث ساعة حتى يدخل وقت العصر فيصليها في أول الوقت وكذلك يؤخر المغرب إلى آخر الوقت ثم يصليها في آخر الوقت والعشاء في أول الوقت فيكون جامعا بينهما فعلا . الدليل عليه حديث { نافع قال خرجنا مع ابن عمر رضي الله تعالى عنهما من مكة فاستصرخ بامرأته فجعل يسير حتى غربت الشمس فنادى الركب الصلاة فلم يلتفت إليهم حتى إذا دنا غيبوبة الشفق نزل فصلى المغرب ثم مكث حتى غاب الشفق [ ص: 150 ] ثم صلى العشاء ثم قال هكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جد به السير } وعن علي رضي الله تعالى عنه أنه فعل مثل ذلك في بعض أسفاره صلى المغرب في آخر الوقت والعشاء في أوله وتعشى بينهما ، وفي الحقيقة تنبني هذه المسألة على أصل وهو أن عنده بين الظهر والعصر تداخلا حتى إذا بلغ الصبي أو أسلم الكافر في وقت العصر يلزمهما قضاء الظهر وكذلك المغرب مع العشاء وعندنا لا تداخل بل كل واحد منهما مختص بوقته ودليلنا ما روينا لا يدخل وقت صلاة حتى يخرج وقت الأخرى

التالي السابق


الخدمات العلمية