الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وما بقي [ ص: 56 ] المال محرزا بدار الإسلام لا يتم إحراز المشركين إياه فهذا معنى قوله أن الكفار لم يحرزوه بخلاف المتردد في دار الإسلام فإنه في يد مولاه حكما ولهذا لو وهبه لابنه الصغير صار قابضا له فبقاء المانع حكما يمنع ثبوت اليد له في نفسه فيتم إحراز المشركين إياه فأما الآبق إلى دار الحرب لا يكون في يد مولاه حكما حتى لو وهبه من ابنه الصغير لا يجوز هكذا ذكره أبو الحسين قاضي الحرمين عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى بخلاف الدابة إذا ندت إليهم لأنها ليست من أهل أن تثبت لها اليد في نفسها وبخلاف آبقهم إلينا لأن يده في نفسه ليست بمحترمة فيتم إحراز المسلمين إياه وبخلاف التملك بالإرث والضمان فإنه تملك حكمي يثبت في المحل الذي لا يقبل الملك قصدا بسببه كالخمر والقصاص يملك بالإرث والدين يملك بالإرث والضمان وإن لم يكن محلا للتمليك بالقهر وهذا لما بينا أنه مع بقاء العصمة والإحراز قد يملك بالإرث والضمان ولا يملك بالأخذ وتأويل الحديثين أن الآبق لم يكن وصل إليهم حتى خرجوا إليه فأخذوه وأحرزوه إذا عرفنا هذا فنقول عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى : لما كان له أن يأخذه بعد القسمة بغير شيء فالإمام يعوض لمن وقع في سهمه قيمته من بيت المال لأن نصيبه استحق فله أن يرجع على شركائه في الغنيمة وقد تعذر ذلك لتفرقهم في القبائل فيعوضه من بيت المال لأن حقه من نوائب المسلمين ومال بيت المال معد لذلك ولأنه لو فضل من الغنيمة شيء يتعذر قسمه كالجوهر ونحوه يوضع ذلك في بيت المال فكذلك إذا لحق غرم يجعل ذلك على بيت المال لأن الغرم يقابل بالغنم وهكذا يقال على أصل الكل .

التالي السابق


الخدمات العلمية