الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. وإن اشتراه رجل من أهل الحرب ويعلم به مولاه فلم يخاصم فيه زمانا ثم أراد أن يأخذه بالثمن فله ذلك وفي رواية ابن سماعة عن [ ص: 58 ] محمد ليس له بمنزلة الشفيع إذا لم يطلب الشفعة بعد علمه بالبيع ، وجه ظاهر الرواية أن سكوت الشفيع جعل مبطلا حقه لدفع الضرر والغرر عن المشتري فإنه يتمكن الشفيع من نقض تصرفه فلو لم يبطل حقه بالسكوت كان يتعذر على المشتري تنفيذ التصرف فيه مخافة أن يبطل الشفيع تصرفه وهذا المعنى لا يوجد ههنا فإن المالك القديم لا يتمكن من نقض تصرف المشتري على ما بينا فلهذا لا يكون سكوته مبطلا لحقه فإن لم يأخذه حتى أسروه ثانيا ثم اشتراه رجل آخر منهم ثم حضر مولاه الأول فلا سبيل له على المشتري الثاني لأن حق الآخذ إنما يثبت للمأسور منه في هذه المرة المشتري الأول دون المالك القديم فلهذا كان حق الآخذ من يد المشتري الثاني للمشتري الأول فإذا أخذه حينئذ يثبت للمالك الأخذ من يده بالثمنين جميعا إن شاء وإن أبى المشتري الأول أن يأخذه فلا سبيل للمالك القديم عليه لأن حقه كان ثابتا في ملك المشتري الأول فإذا أخذه فقد ظهر محل حقه وإن لم يأخذه لم يظهر محل حقه فلا سبيل له عليه كالموهوب له إذا وهبه لغيره فلا سبيل للواهب الأول عليه بالرجوع إلا أن يرجع الموهوب له الأول فيه فحينئذ يثبت للواهب الأول حق الرجوع لهذا المعنى .

( فإن قيل ) : إنما كان للمالك القديم حق الأخذ في الملك الذي استفاده المشتري من العدو وهذا ملك آخر استفاده من المشتري الثاني فكيف يثبت حقه فيه . ( قلنا ) : لا كذلك لأن المأسور منه بالأخذ يعيده إلى قديم ملكه ولهذا لو كان موهوبا كان للواهب أن يرجع فيه وما يغرم المشتري من العدو فداء وليس ببدل عن الملك كالمولى يفدي عبده من الجناية فيبقى على قديم ملكه لا أن يتملكه بالفداء وإنما يأخذه بالثمنين لأن ذلك هو العوض الذي أدى من ماله فيه مرتين ولو أداه مرة واحدة لم يملك المولى أخذه ما لم يرد عليه جميع ذلك فكذلك إذا غرمه مرتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية