الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قوم غزوا أرض الحرب فارتد منهم طائفة ، واعتزلوا عسكرهم ، وحاربوا ، ونابذوهم فأصاب المسلمون غنيمة ، وأصاب أولئك المرتدون غنيمة من أهل الشرك ثم تابوا قبل أن يخرجوا من دار الحرب لم يشارك أحد الفريقين الآخر فيما أصابوا ; لأن بعضهم لم يكن ردءا للبعض ، فالمسلمون لا ينصرون المرتدين ، ولا يستنصرون بالمرتدين إذا حزبهم أمر ، وإن مصاب المرتدين ليس بغنيمة إذا لم يكن قصدهم عند الإصابة إعزاز الدين ، والمرتدون في حق [ ص: 120 ] المسلمين كأهل الحرب ، فإنهم في دار الحرب ، وأهل الحرب إذا أسلموا والتحقوا بالجيش لم يشاركوهم فيما أصابوا قبل ذلك ، وكذلك المرتدون إلا أن يلقوا قتالا فيقاتلوا قبل أن يخرجوا إلى دار الإسلام فحينئذ يشارك بعضهم بعضا ; لأنهم قاتلوا دفعا عن ذلك المال فكأنهم أصابوه بهذا القتال ، واشتركوا في إحرازه بالدار ، فيشارك بعضهم بعضا في ذلك ، ثم هذا فيما أصابه المسلمون غير مشكل بمنزلة من أسلم من أهل الحرب ، والتحق بالجيش إذا لقوا قتالا فقاتل بعضهم ، وما أصاب المرتدون ، وإن لم يكن له حكم الغنيمة ، فإنه يأخذ حكم الغنيمة بهذا القتال كالمتلصص إذا أصاب مالا ثم لحقه جيش المسلمين ، فإن مصابه يأخذ حكم الغنيمة حتى يخمس ، ولا شيء على من قتل المرتدين قبل أن يدعوهم إلى الإسلام ; لأنهم بمنزلة كفار قد بلغتهم الدعوة ، فإن جددوها فحسن ، وإن قاتلوهم قبل أن يدعوهم فحسن .

التالي السابق


الخدمات العلمية