الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ثم ختم الكتاب بهذا في بعض النسخ ذكر بابا من كتاب الإجارات وكأنه تذكر تلك المسائل حين صنف هذا الكتاب فأثبتها لكيلا يفوت فقال رجل أجر عبده من رجل سنة بمائة درهم للخدمة فخدمه ستة أشهر ثم أعتقه المولى فالعتق نافذ لقيام الملك في رقبته وحق المستأجر إنما يثبت في المنفعة دون الرقبة ولا تأثير لما استحقه من اليد إلا في عجز المولى عن تسليمه والقدرة على التسليم ليس بشرط لنفوذ العتق حتى ينفذ العتق في الآبق والجنين في البطن ثم يتخير العبد في فسخ الإجارة لأن على إحدى الطريقين الإجارة في حكم عقود متفرقة يتجدد انعقادها بحسب ما يحدث من المنفعة ولو أجره ابتداء بعد العتق لا يلزم العقد إلا برضاه فكذلك لا يتجدد انعقاد العقد لازما بعد العقد إلا برضاه وعلى الطريق الآخر العقد وإن انعقد جملة فهو يحتمل الفسخ بعذر والعذر قد تحقق هنا لأن لزوم تسليم النفس للخدمة بعد العتق بعقد باشره المولى يلحق الشين به ويكون ذلك عذرا له في فسخ الإجارة أرأيت لو تفقه وقلد القضاء أكان يجبر على الخدمة بسبب ذلك العقد يقرره أن في إجارة النفس للخدمة كدا وتعبا فلا يلزم من المولى على العبد إلا في منافع مملوكة للمولى والمنافع بعد العتق تحدث على ملك العبد فيثبت له الخيار بظهور هذا النوع من الملك له كالمنكوحة إذا أعتقت يثبت لها الخيار لملكها أمر نفسها أو زيادة ملك الزوج عليها فإن فسخ العقد فأجر ما مضى للمولى لأن ما يقابله استوفي على ملكه بعقده وإن مضى على الإجارة فللعبد أجر ما بقي من المدة لأنه بدل ما هو مملوك للعبد فإن المنافع بعد العتق تحدث على ملكه والبدل إنما يملك بملك الأصل وهذا بخلاف المنكوحة فإنها إذا لم تختر نفسها بعد العتق فالصداق للمولى وإن لم يدخل بها الزوج قبل العتق لأن الصداق وجب بالعقد جملة واستحقه [ ص: 206 ] المولى عوضا عن ملكه وهنا الأجر يجب شيئا فشيئا بحسب ما يستوفى من المنفعة أو يتجدد انعقاد العقد على أحد الطريقين هنا فهو بمنزلة ما لو أجره بعد العتق برضاه فيكون الأجر للعبد إلا أن المولى هو الذي يتولى قبضه لأن الوجوب بعقده .

وحقوق العقد تتعلق بالعاقد وليس للعبد ولاية أن يقبضها إلا بوكالة المولى وليس له أن ينقض العقد بعد اختياره المضي عليها لأنه أسقط خياره كالمعتقة إذا اختارت زوجها فإن كان المستأجر عجل الأجرة كلها للمولى قبل أن يعمل العبد شيئا في أول الإجارة فهذا والأول سواء إلا خصلة واحدة إذا اختار العبد المضي على الإجارة فالأجر كله للمولى لأنه ملك الأجر بالقبض وما ملكه المولى من كسب العبد يبقى على ملكه بعد عتقه بخلاف الأول لأنه ما ملك الأجر بنفس العقد هناك وإنما يملكه شيئا فشيئا بحسب ما يستوفى من المنفعة وإن فسخ العبد الإجارة في بقية المدة فعلى المولى رد حصة ذلك من الأجر على المستأجر كما لو تفاسخا العقد وهذا لأن المولى أكسب سبب ثبوت الخيار للعبد وفسخ العقد من العبد بناء عليه فيصير مضافا إلى المولى فلهذا يلزمه الرد بحساب ما بقي من المدة وإذا اختار المضي فقد بقي العقد على ما باشر المولى والملك في جميع الأجر قد ثبت للمولى بذلك العقد فيبقى ولا يتحول شيء منه إلى العبد وإن كان الأجر شيئا بعينه في جميع هذه الوجوه فالجواب فيه والجواب في الدراهم والدنانير سواء وهذا أظهر لأن الأجرة لما كانت بعينها لا تملك قبل التعجيل ولا تجب وجوبا مؤجلا ولا حالا وفي الأجر إذا كان بغير عينه كلام أنه هل يجب بنفس العقد وجوبا مؤجلا أم لا ؟ فإذا كان هناك حصة ما بقي من المدة للعبد فهنا أولى

التالي السابق


الخدمات العلمية