الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : ( وإذا أقعد الصانع معه رجلا في دكانه يطرح عليه العمل بالنصف فهو فاسد في القياس ) ; لأن رأس مال صاحب الدكان منفعة والمنافع لا تصلح أن تجعل رأس مال في الشركة ، ولأن المتقبل للعمل ، إن كان صاحب الدكان ، فالعامل أجيره بالنصف ، وهو مجهول والجهالة تفسد عقد الإجارة ، وإن كان المتقبل هو العامل ، فهو مستأجر لموضع جلوسه من دكانه بنصف ما يعمل ، وذلك مجهول ، إلا أنه استحسن ; فأجاز هذا لكونه متعاملا بين الناس من غير نكير منكر ، وفي نزع الناس عما تعاملوا به نوع حرج ; فلدفع هذا الحرج يجوز هذا العقد ; إذ ليس فيه نص يبطله . ولأن بالناس حاجة إلى هذا العقد ، فالعامل قد يدخل بلدة لا يعرفه أهلها ، ولا يأمنونه على متاعهم ، وإنما يأمنون على متاعهم صاحب الدكان الذي يعرفونه . وصاحب الدكان لا يتبرع بمثل هذا على العامل في العادة . ففي تصحيح هذا العقد تحصيل مقصود كل واحد منهما ; لأن العامل يصل إلى عوض عمله ، والناس يصلون إلى منفعة عمله ، وصاحب الدكان يصل إلى عوض منفعة دكانه ; فيجوز العقد ويطيب الفضل لرب الدكان ; لأنه أقعده في دكانه وأعانه بمتاعه . وربما يقيم بعض العمل أيضا كالخياط يتقبل المتاع ، ويلي قطعه ، ثم يدفعه إلى آخر بالنصف ; فلهذا يطيب له الفضل . وجواز هذا العقد كجواز عقد السلم ، فإن الشرع رخص فيه لحاجة الناس إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية