الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( وعن ) موسى بن طلحة رضي الله تعالى عنه أن { أعرابيا أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرنبا مشويا قال : لأصحابه كلوا قال الأعرابي : إني رأيت دما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس بشيء ، وقال للأعرابي : إذن فكل فقال : إني صائم ، قال : صوم ماذا ؟ قال : صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، فقال : هلا جعلتها البيض } ، وبه نأخذ فنقول : الأرنب مأكول ، وقد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدية فيه وأكل منه ، وأمر أصحابه رضوان الله عليهم بذلك ( وقول ) الأعرابي : إني رأيت دما مراده ما يقول جهال العرب : أن الأرنبة تحيض كالنساء فبين [ ص: 231 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ذلك ليس بشيء ، وفيه دليل على أنه لا بأس للمهدي أن يأكل من هديته ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دعاه إلى الأكل ، وإنما بعث ليتمم مكارم الأخلاق ، فما كان يدعو أحدا إلى ما يخالف ذلك ، وفيه دليل على أنه إذا دعي إلى طعام وهو صائم لا بأس بأن يمتنع ويقول : إني صائم ، وقد قرره رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما قال حيث قال صلى الله عليه وسلم : { صوم ماذا . ؟ قال : صوم ثلاثة أيام من كل شهر } وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحثهم على ذلك ، ويقول { الحسنة بعشر أمثالها صوم ثلاثة أيام من الشهر كصوم جميع الشهر } وفيه دليل على أن الأفضل أن يكون صومه في الأيام البيض ; لقوله صلى الله عليه وسلم : { هلا جعلتها البيض } والبيض الثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر ، وعند بعضهم أولها الرابع عشر ، وآخرها السادس عشر ، سميت بيضا لطلوع القمر في لياليها من أول الليل إلى آخر الليل ، فكأن الليل يستوي بالنهار في البياض .

( وقيل : ) لما روي أن آدم صلوات الله وسلامه عليه لما أهبط إلى الأرض بعد زلته اغبر جسده صام الرابع عشر فابيض ثلث جسده ثم صام الخامس عشر فابيض ثلث آخر ثم صام السادس عشر فابيض جميع جسده ، وعاد اللون الأول فسميت بيضا لذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية