الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وأما التاجران من المسلمين في دار الحرب ، فلا يجوز بينهما إلا ما يجوز في دار الإسلام ; لأن مال كل واحد منهما معصوم متقوم ، وأن ذلك يثبت بالإحراز بدار الإسلام ، ولا ينعدم معنى الإحراز بالاستئمان إليهم ، ولهذا يضمن كل واحد منهما مال صاحبه إذا أتلفه ، وإنما يتملك كل واحد منهما على صاحبه بالعقد الذي باشره ، ولا يجوز إثبات عقد لم يباشراه بينهما من هبة ، أو غيرها ، وإن كان أسلما ، ولم يخرجا حتى تبايعا بالربا ، كرهته لهما ، ولم أرده له ، وهو قول أبي حنيفة ، وقال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - يرده ، والحكم فيها كالحكم في التاجرين أما على أصل أبي يوسف فقط فظاهر ; لأنه لا يجوز هذا العقد بين المسلم ، والحربي فكيف يجوز بين المسلمين ومحمد يقول : مال كل ، واحد منهما معصوم عن التملك بالأخذ ، ألا ترى أن المسلمين لو ظهروا على الدار لا يملكون مالهما بطريق الغنيمة ، وإنما يتملك أحدهما مال صاحبه بالعقد بخلاف مال الحربي وأبو حنيفة يقول : بالإسلام قبل الإحراز تثبت العصمة في حق الإمام دون الأحكام ، ألا ترى أن أحدهما لو أتلف مال صاحبه ، أو نفسه لم يضمن ، وهو آثم في ذلك ، وإنما تثبت العصمة في حق الأحكام بالإحراز ، والإحراز بالدار لا بالدين ; لأن الدين مانع لمن يعتقده حقا للشرع دون من لا يعتقده وبقوة الدار يمنع عن ماله من يعتقد حرمته ، ومن لم يعتقده ; فلثبوت العصمة في حق الآثم قلنا : يكره لهما هذا الصنيع ، ولعدم العصمة في حق الحكم قلنا : لا يؤمر أن يرد ما أخذه ; لأن كل واحد منهما إنما يملك مال صاحبه بالأخذ فأما إذا ظهر المسلمون على الدار ، فإنما لا يملكون مال الذي أسلم ; لأنه صار محرزا ماله بيده ، ويده أسبق إليه من يد الغانمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية