الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : وإذا كان الصبي في حجر ذي رحم محرم يعوله ، وليس بوصي له لم يجز عليه بيع ، ولا شراء ، ولا خصومة ، ولا غير ذلك ; لأن نفوذ هذه التصرفات يعتمد الولاية ولا ولاية له على اليتيم ، فلا ينفذ تصرفه فيما سوى إجارته ، وقبض الصدقة ، والهبة له استحسانا ، أما إجارة نفسه ففي القياس لا يجوز ; لأنها تعقد على منافع نفسه ، ويلزمه بحكم ذلك العقد تسلم نفسه ، ولا ولاية له عليه في ذلك ، ولكنه استحسن فقال : المقصود من هذه الإجارة أن يتعلم الصبي ما يكتسب به ; إذا احتاج إليه وهو منفعة محضة له ، لو أراد من يعوله أن يعلمه ذلك بنفسه ويستخدمه في ذلك ليتعلم جاز ذلك ، فكذلك له أن يسلمه إلى غيره ليعلمه ذلك من غير عوض يحصل له ، فإذا أجره لذلك لحصل له عوض بإزاء منافعه ، فكان إلى الجواز أقرب ، وإلزام التسليم بحكم هذا العقد فيه منفعة لليتيم لأنه يبقى محفوظا بيد من يحفظه ، وهو محتاج إلى الحافظ ، فإذن قبض الهبة والصدقة لا يستدعي الولاية ، ألا ترى أن القبض للصبي ، وله أن يقبض بنفسه ، إذا كان يعقل ذلك هو ; لأنه محض منفعة لا يشوبها [ ص: 31 ] ضرر ، ولا معتبر بالولاية فيه ، ألا ترى أن من يعوله يحفظه ، ويحفظ ما معه من ماله ، فكذلك يحفظ ما يوهب له ولا يتأتى ذلك إلا ببينة ، وإن أجر عبده أو دابته لم يجز ; لأن الإجارة نوع بيع يعتمد الولاية ، ولا مقصود فيه سوى أسباب المال فيكون بمنزلة بيع الرقبة

التالي السابق


الخدمات العلمية