الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو دفع إليه أرضا يزرعها خمس سنين ما بدا له على أن ما خرج منها من شيء في السنة الأولى فهو بينهما نصفان ، وفي السنة الثانية لرب الأرض الثلث ، وللمزارع الثلثان ، وسميا لكل سنة شيئا معلوما فهو جائز من أيهما شرط البذر ; لأن هذه عقود مختلفة بعضها معطوف على البعض ، ففي السنة الأولى عقد إجارة مطلق ، وفي السنة الثانية مضاف إلى وقت الإجارة تحتمل الإضافة إلى وقت في المستقبل ، فيجعل في حق كل عقد من هذه العقود كأنهما أفردا ذلك العقد بخلاف الأول ، والعقد هناك واحد باتحاد المدة ، وإنما التغاير في شرط البدل ، ثم جواز المزارعة للحاجة ، وهما يحتاجان إلى هذا ; لأن الأرض في السنة الأولى يكون فيها من القوة ما لا يحتاج إلى زيادة عمل لتحصيل الريع ، وفي السنة الثانية يحتاج إلى زيادة العمل لنقصان تمكن في قوة الأرض بالزراعة في السنة الأولى فيشترط للمزارع زيادة في السنة الثانية باعتبار زيادة عمله ، وكذلك لو اشترطا أن البذر في السنة الأولى من قبل الزارع ، وفي السنة الثانية من قبل رب الأرض ، وبينا نحو ذلك في كل سنة فهو جائز ; لأنهما عقدان مختلفان أحدهما معطوف على الآخر ، ففي السنة الأولى العامل مستأجر للأرض بنصف الخارج ، وفي السنة الثانية رب الأرض مستأجر للعامل بنصف الخارج ، وكل واحد من العقدين صحيح عند الانفراد ، فكذلك عند الجمع بينهما ، وهو بمنزلة رجل دفع عبده [ ص: 65 ] إلى حائك يقوم عليه في تعليم الحياكة خمسة أشهر على أن يعطيه في كل شهر خمسة دراهم ، وعلى أن يعطيه الحائك في خمسة أشهر أخرى في كل شهر عشرة دراهم فهو جائز على ما اشترطا للمعنى الذي بينا

التالي السابق


الخدمات العلمية