الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو قال لله علي أن أتصدق بثوب هروي ، أو مروي ، فأكرهه على أن يتصدق بثوب بعينه ، فإنه ينظر إلى الذي تصدق به ، فإن كان العلم محيطا بأنه أدنى ما يكون من ذلك الجنس في القيمة ، وغيرها أجزأه ذلك ، ولا ضمان على المكره ; لأنه ما ألزمه بالإكراه إلا ما يعلم أنه مستحق عليه بنذره شرعا ، وإن كان غيره أقل من قيمته نظر إلى فضل ما بين القيمتين ، فغرم المكره ذلك ; لأنه في الزيادة على الأدنى يلزمه ذلك بالإكراه من غير أن كان واجبا عليه ، وهذا بخلاف الهدي ، والأضحية والعتق ; لأن ذلك مما لا ينتقض ، فإذا ضمن المكره بعضه صار ناقضا ما وجب عليه ، فلا يجزيه عن الواجب ، فلهذا يغرم المكره جميع القيمة ، والتصدق بالثوب مما يحتمل التجزؤ فإنه لو تصدق بنصف ثوب جيد يساوي ثوبا كما لزمه أجزأه عن الواجب فنحن ، وإن ، أوجبنا ضمان الزيادة على المكره ، وقع المؤدى في مقدار الأدنى مجزيا [ ص: 147 ] عن الواجب : يوضحه أن في التصدق تعتبر المالية .

( ألا ترى ) أن له أن يتصدق بقيمة الثوب مكان الثوب وعند النظر إلى القيمة يظهر الفضل ، وفي الهدايا ، والضحايا وعتق الرقاب لا تعتبر المالية حتى لا يتأدى الواجب بالقيمة ، فلهذا قلنا إذا صار ضامنا للبعض ضمن الكل .

التالي السابق


الخدمات العلمية