الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال : وإذا استأجر أربعة رهط مدبرا ومكاتبا وعبدا وحرا يحفرون لهم بئرا [ ص: 50 ] فوقعت عليهم من حفرهم فماتوا ولم يؤذن للمدبر ولا للعبد في العمل فيقول كل واحد منهم : تلف بفعله وفعل أصحابه فيهدر ربع نفسه وتعتبر جناية أصحابه عليه في ثلاثة أرباع نفسه ثم على المستأجر قيمة العبد والمدبر لمولاه لأنه صار غاصبا لها بالاستعمال والمدبر يضمن بالغصب كالقن ثم لورثة الحر ربع دية الحر في رقبة كل إنسان منهم ولولي المكاتب ربع قيمة المكاتب في رقبة كل منهما فيضرب في هاتين القيمتين ودية الحر بنصف دية الحر وورثة المكاتب بنصف المكاتب فيقسمان ذلك على هذا ثم يرجع مولاهما بذلك على المستأجر لأن المقبوض استحق بجناية قيمة كانت منهما في يد المستأجر فيثبت لهما حق الرجوع عليه في رقبة العبد ثم للمستأجر على عاقلة الحر ربع قيمة واحد منهما لأنه ملك العبد بالضمان وقد صار بمنزلة المالك للمدبر باستحقاق بدل نفسه بعد ما ضمن قيمته فلهذا رجع على عاقلة الحر بربع قيمة كل واحد منهما وله في رقبة المكاتب ربع قيمة كل واحد منهما وقد كان للمكاتب في رقبة كل واحد منهما ربع قيمته من القيمة التي أخلفها كل واحد منهما فيكون بعضه قصاصا من بعض ويترادان الفضل ولو مع قيمة المكاتب على عاقلة الحر لأن الحر أتلف ربع المكاتب ثم يأخذ ذلك ورثة الحر باعتبار جناية المكاتب على ربع الحر إلا أن يكون لهم أكثر من ربع الدية فيأخذون ربع الدية ويردون الفضل على مولى المكاتب ولكن هذا إنما يستقيم على قول من يقول : قيمة المملوك في الجناية بالغة ما بلغت ولكل واحد من العبدين يعني المدبر والعبد ربع قيمته في قيمة الآخر ولكن ذلك على المستأجر له فلا يفيد اعتباره .

فإن كان العبدان مأذونا لهما في العمل فلا ضمان على المستأجر لانعدام الغصب وربع قيمة كل واحد منهما على عاقلة الحر وكذلك ربع قيمة المكاتب على عاقلة الحر وثلاثة أرباع دية الحر في أعناقهم في عنق كل واحد منهم ربع فإذا عقلت عاقلة الحر ربع قيمة كل واحد منهما وأخذ ذلك كل واحد منهم قلنا : يؤخذ من مولى المدبر قيمة كاملة لأنه صار مانعا بالتدبير السابق فيكون موجب جنايات المدبر القيمة عليه بعد أن يكون القيمة مثل ما عليه من ذلك أو أقل فيقسم ذلك بينهم يضرب فيه ورثة الحر بربع الدية ومولى العبد بربع القيمة ومولى المكاتب بربع القيمة .

وإن كان المكاتب ترك وفاء أخذ من تركته تمام قيمته إن كانت قيمته أقل مما عليه من ذلك لأن جنايات المكاتب إذا اجتمعت لا توجب إلا قيمة واحدة في كسبه ثم يضرب فيها ولي الحر بربع الدية ومولى العبد بربع القيمة ومولى العبد بربع القيمة ومولى المدبر بربع القيمة ثم يؤخذ من مولى العبد جميع ما أخذ من ذلك [ ص: 51 ] لأن المأخوذ بدل عبده وأولياء جناية العبد أحق بذلك من مولاه فيضرب في ذلك ورثة الحر بربع دية الحر ومولى المدبر بربع قيمة المدبر ومولى المكاتب بربع قيمة المكاتب لأن العبد كان جنى على ربع كل واحد منهم فلهذا كانت قيمة بدله بينهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية