الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : رجل له مائتا درهم مكثت عنده أشهرا ، ثم وهبها لرجل ودفعها إليه ، ثم رجع فيها ، قال : يستأنف لها الحول من وقت رجوعه فيها ; لأن ملكه زال بالهبة والتسليم ولم يبق شيء مما انعقد عليه الحول له ولا يتصور بقاء الحول إلا بمحل . ( قال ) : وإن مكثت عند الموهوب له سنة ثم رجع فيها لم يكن على واحد منهما زكاة تلك السنة ، أما على الواهب فلأنها لم تكن في ملكه في الحول ، وأما على الموهوب له فلأن مال الزكاة استحق من يده بغير اختباره ، ويستوي إن كان رجوع الواهب بقضاء أو بغير قضاء عندنا .

وقال زفر رحمه الله تعالى : إن كان رجوعه بقضاء [ ص: 206 ] فكذلك ، وإن كان رجوعه بغير قضاء القاضي فعلى الموهوب له زكاة تلك السنة ، وقال سفيان الثوري رضي الله عنه ليس للواهب أن يرجع في مقدار الزكاة ; لأنها صارت مستحقة للفقراء ، وتعلق حق الفقراء بالموهوب يمنع الواهب من الرجوع كما لو جعله الموهوب له مرهونا . وجه قول زفر رحمه الله تعالى أن الرجوع إذا كان بغير قضاء فالموهوب له أزال ملكه باختياره بعد وجوب الزكاة فيضمن الزكاة كما لو وهبه ابتداء ، ألا ترى أنه لو كان في مرضه كان معتبرا من ثلث ماله . وجه قولنا أن حق الواهب مقصور على العين وفي مثله القضاء وغير القضاء سواء ; لأنهما فعلا بدون القاضي عين ما يأمر به القاضي لو رفعا الأمر إليه ، والموهوب له نظر لنفسه حين لم ير في الخصومة فائدة فلم يكن متلفا حق الفقراء ، وإن كان في مرضه ففيه روايتان كلاهما في كتاب الهبة والأصح أنه يعتبر من جميع ماله سواء رجع بقضاء أو بغير قضاء

التالي السابق


الخدمات العلمية