الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وحنوط داخل كل لفافة وعلى قطن يلصق بمنافذه والكافور فيه وفي مساجده وحواسه ومراقه )

                                                                                                                            ش : صفة التحنيط والتكفين [ ص: 226 ] باختصار من النوادر والمدخل قال في النوادر بعد قوله المتقدم : قال ابن حبيب فيذر على الأول من الحنوط ثم الذي يليه هكذا إلى الأعلى الذي يلي جسده فيذر عليه أيضا قال أشهب : وإن جعل الحنوط في لحيته ورأسه والكافور فواسع .

                                                                                                                            قال ابن حبيب : ثم يجعل الكافور على مساجده من وجهه وكفيه وركبتيه وقدميه ويجعل منه في عينيه وفي فمه وأذنيه ومرفقيه وإبطيه ورفغيه ، وعلى القطن الذي يجعل بين فخذيه لئلا يسيل منه شيء ويشده بخرقة إلى حجزة مئزره فقال سحنون : ويشد دبره بقطنة فيها دريرة ويبالغ فيه برفق قال ابن حبيب ويسد مسام رأسه بقطن عليه كافور وأذنيه ومنخريه انتهى .

                                                                                                                            وصفة التكفين تقدم في كلامه في القولة التي قبلها وقال في المدخل فإذا فرغ من غسله فأول شيء يفعله أن يأخذ قطنة ، ويجعل عليها شيئا من الكافور ، أو غيره من الطيب والكافور أحسن ; لأنه يردع المواد فيجعلها على فمه ثم يأخذ قطنة أخرى فيجعل فيها ما تقدم ويسد بها أنفه ثم أخرى من الناحية الأخرى ويرسلها في أنفه قليلا ثم يأخذ خرقة فيشد على الأنف والفم ثم يعقدها من خلف عنقه عقدا وثيقا فتبقى كأنها اللثام ثم يجعل على عينيه وأذنيه خرقة ثانية بعد وضع القطن والكافور على عينيه وأذنيه ويعقدها عقدا جيدا فتصير كالعصابة ثم يأخذ خرقة ثالثة فيشد بها وسطه ثم يأخذ خرقة رابعة فيعقدها في هذه الخرقة المشدود بها وسطه ، أو يخيطها فيها ثم يلجمه بها بعد أن يأخذ قطنة وتجعل عليها شيئا من الطيب ، أو الكافور وهو أحسن ; لأنه يشد العضو ويسده فيجعله على باب الدبر ويرسل ذلك قليلا برفق ويزيد للمرأة سد القبل بقطنة أخرى ويفعل فيه كما تقدم في الدبر سواء ثم يلجمه عليه بالخرقة المذكورة ثم يربطها ربطا وثيقا وليحذر ما يفعلون من إدخالهم في دبره قطنا ، وكذلك في حلقه وإبطه لما في ذلك من مخالفة السنة وإخراق حرمة الميت ثم يأخذ في تكفينه فيشد على وسطه مئزرا ، أو يلبسه سراويل وهو أستر له ثم يلبسه القميص ثم يعممه فيجعل له من العمامة ذؤابة وتحنيكا كالحي إلا أنها هنا لا ترخى بل يشد ذلك عليه ويستوثق في عقده لئلا يسترخي ذقنه فيفتح فاه ثم يعممه بباقي العمامة ويشدها شدا وثيقا ثم يبسط الذؤابة على وجهه فيستر وجهه بها وكذلك يفعل بما يفضل من المقنعة في حق المرأة يستر بها وجهها ثم ينقله إلى موضع الكفن فيجعله عليه ويحنطه ومواضع الحنوط خمس :

                                                                                                                            الأول ظاهر جسد الميت ، الثاني : بين أكفانه ولا يجعل على ظاهر الكفن ، الثالث : المساجد السبعة وهي الجبهة والأنف والكفان مع الأصابع والركبتان وأطراف أصابع الرجلين ، الرابع : منافذ الوجه المتقدم ذكرها ، الخامس : الأرفاغ وهي مغابن الجسد خلف أذنيه وتحت حلقه وتحت إبطيه وفي سرته وفيما بين فخذيه وأسافل ركبتيه وقعر قدميه ، وذلك بحسب ما يكون معه من الطيب فإن قل عن استيعاب ذلك فليقتصر على الأرفاغ والمساجد السبعة المتقدم ذكرها ثم يأخذ طرف أحد كميه فيربطه بطرف الكم الآخر ربطا وثيقا ثم يأخذ خرقة طويلة فيربطها في موضع رباط الكمين ثم يمدها إلى إبهام رجليه فيربطها فيهما ربطا جيدا وثيقا لئلا تتحرك أطرافه وتتعرى ، هذا إذا لبس القميص وأما إذا أدرج فلا حاجة إلى فعل ذلك فإذا جاء إلى لحده أزال الرباط عنه وليحذر مما يفعله بعضهم من جعل القطن الكثير على وجه الميت حتى يعلو وعلى ركبتيه وتحت حنكه وتحت رقبته حتى يصير رأسه وكتفاه بالسواء وكذلك ما يجعلونه من القطن عند ساقه هاهنا ومن هاهنا حتى يصير بطنه ورأسه ورجلاه بالسواء فإنه من محدثات الأمور ، وهو بدعة وفيه محرمان : وهما إضاعة المال وأخذ مال الغير بغير أمره وهم الورثة إن كان فيهم قاصرون فإن لم يكن فيهم قاصرون ورضوا بذلك ففيه الإعانة على البدعة ثم [ ص: 227 ] يربط الكفن عند رأسه ومن عند رجليه ربطا وثيقا ، ثم يأخذ في نقله وإخراجه من البيت إلى النعش وذلك كله برفق وحسن سمت ووقار انتهى .

                                                                                                                            ص ( ومشي مشيع )

                                                                                                                            ش : في سنن أبي داود أنه عليه الصلاة والسلام { أتي بدابة ليركبها فأبى ، ثم لما انصرف أتي بدابة فركبها } انتهى .

                                                                                                                            ص ( وإسراعه )

                                                                                                                            ش : قال في المدخل قال علماؤنا - رحمة الله تعالى عليهم - : السنة في المشي بالجنازة أن يكون كالشاب المسرع في حاجته انتهى والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية