الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وهر )

                                                                                                                            ش : تصوره ظاهر ( فرع ) : قال البرزلي نزلت مسألة وهي أن قطا عمي وفرغت منفعته فاستفتي فيه شيخنا الإمام بوجوب إطعامه ، وإلا يقتل وكذا ما يئس من منفعته لكبر أو عيب ، وهو نحو ما تقدم ، وكذا ذبح القطط الصغار والحيوان الصغير لقلة غذاء أمهاتهم أو إراحتها من ضعفها والصواب في ذلك كله عندي الجواز لارتكاب أخف الضررين لقوله عليه السلام { إذا التقى ضرران نفي الأكبر للأصغر } ويشير بقوله ، وهذا نحو ما تقدم لقوله وسئل عز الدين عن قتل الهر المؤذي هل يجوز أم لا ؟ فأجاب إذا خرجت إذايته عن عادة القطط وتكررت إذايته جاز قتله واحترزنا بالأول عما في طبعه مثل أكل اللحم إذا كان خاليا أو عليه شيء يمكن رفعه للهر ، فإذا رفعه ، وأكل فلا يقتل هذا ، ولو تكررت منه ; لأنه طبعه ، واحترز بالثاني مما إذا وقع ذلك منه فلتة ، فلا يوجب قتله فلا يكون كالميئوس من استصلاحه من الآدميين والبهائم ، وعن أبي حنيفة إذا آذت الهرة وقصد قتلها فلا تعذب ، ولا تخنق بل تذبح بموسى حاد لقوله عليه السلام { إذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة } انتهى الحديث . ومن هذا المعنى إذا يئس من حياة ما لا يؤكل فيذبح لإراحته من ألم الوجع ، والذي رأيت : المنع إلا أن يكون من الحيوان الذي يذكى لأخذ جلده ، وأجمع العلماء على منع ذلك في حق الآدمي ، وإن اشتدت آلامهم لشرف الآدمي عن الذبح ( قلت ) : الذي رأيت في القسم الأول أنها وقعت في بلاد بونة فأفتي فيها بالإجهاز عليها لإراحتها ونقلها في العتبية ، ومن هذا إذا رميت السفينة بالنار ، ففي المدونة لا بأس أن يطرحوا أنفسهم في البحر ; لأنهم فروا من موت إلى موت ، ولم يره ربيعة إلا لمن طمع بنجاة أو أمن فلا بأس ، وإن هلك فيه ، وعن ربيعة إن صبر فهو أكرم ، وإن اقتحموا فقد غرقوا ، ولا بأس به ( قلت ) : فظاهر هذا الجواز لاستعجاله الموت للإراحة ، وإذا كان هذا في الآدمي فأحرى في الحيوان الذي لا يؤكل إذا كان لإراحته ، وسيأتي للمصنف في باب الجهاد أنه يجوز الانتقال من موت لآخر

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية