الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            . ص ( وبالنسيان أن أطلق )

                                                                                                                            ش : وكذا الجهل والخطأ قال ابن عرفة إثر مسألة النسيان : وأصل المذهب أن الجهل والخطأ في موجب الحنث كالعلم والعمد ، سمع يحيى ابن القاسم من حلف ليقضين الحق ربه يوم الفطر فكان بموضعه يوم السبت فقضاه فيه ، ثم جاء الثبت من الحاضرة أنه الجمعة حنث الشيخ عن الموازية . من حلف لا وطئ امرأته حنث بوطئه إياها نائما لا يشعر كالناسي ابن عرفة الناسي مفرط عاقل والنائم غير عاقل العتبي عن أصبغ لا يحنث في لا آخذ من فلان درهما فأخذ منه ثوبا فيه درهم فرده حين علمه ابن رشد لابن القاسم في المبسوط يحنث إلا أن ينوي كقوله فيمن لا مال له وله مال ورثه لم يعلمه ولابن كنانة كأصبغ فيما لا يسترفع فيه الدراهم ، وعلى قول سرقتها الفرق بين ما يسترفع فيه وما لا ، فالأقوال ثلاثة : عدم الحنث لرعي القصد ، والحنث لرعي اللفظ دونه ، والثالث استحسان ، انتهى .

                                                                                                                            وقال في التوضيح : اليمين إن قيدت كما لو قال : والله لا أدخل الدار عمدا ، أو لا أدخلها إلا أن أنسى ، فالاتفاق على أنه لا يحنث في النسيان ، وإن أطلقت فالمعروف من المذهب الحنث بالنسيان ، وذهب السيوري وابن العربي في جمع من المتأخرين إلى عدم الحنث ، وخرج أيضا من قول مالك في العتبية في الحالف بالطلاق ليصومن يوما معينا ، فأصبح فيه صائما ، ثم أفطر فيه ناسيا أنه لا شيء عليه فظاهره أنه لا حنث عليه ، وكذلك فهم جماعة وإليه أشار ابن الحاجب بقوله : وخرج الفرق أي بين العمد والنسيان ورد لعله يريد لا قضاء ، وهو أحد الأقوال في النذر المعين ، انتهى . وقد فهم ابن رشد المسألة على عدم الحنث وجعلها جارية على الأصول ونصه في رسم سلف دينارا من سماع عيسى من الأيمان بالطلاق : إنما قال لا شيء عليه ; لأن الأكل ناسيا لا يخرجه عن أن يكون صائما ، بخلاف ما لو أصبح مفطرا ناسيا ، وقد قال ابن دحون إنها مسألة حائلة والحنث يلزمهم على أصولهم فيمن حلف أن لا يفعل شيئا ففعله ناسيا وليس ذلك بصحيح ; لأن أكثر أهل العلم لا يوجبون القضاء على من أفطر في رمضان ناسيا للحديث الوارد في ذلك ، انتهى .

                                                                                                                            وقال في الرسم المذكور من السماع نفسه من كتاب الصيام إنما قال لا شيء عليه إذا كان ناسيا أي لا حنث عليه ، بخلاف ما لو أصبح مفطرا ناسيا ليمينه مراعاة للخلاف في وجوب القضاء على [ ص: 292 ] من أفطر في التطوع متعمدا وفي رمضان ناسيا لما جاء في ذلك ، انتهى .

                                                                                                                            وقال في الرسم نفسه من كتاب النذور : وتكررت هذه المسألة ورأيت لابن دحون فيها أنها مسألة حائلة والحنث يلزمه فيها على أصولهم فيمن حلف أن لا يفعل شيئا أو حلف أن يفعل شيئا فنسي فعله حتى مات ، وليس ذلك على ما قال ، بل هي مسألة صحيحة ; لأن الأكل ناسيا لا يخرج الحالف عن أن يكون صائما ، ولا يبطل به أجر صيامه ، وقد ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا قضاء على من أكل في رمضان ناسيا وذكر الحديث ، انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية