الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فرع ) قال الشيخ أبو الحسن في شرح مسألة عقد أحد الشريكين على الأمة المشتركة : ولا يجوز لأحد أن يزوج الأمة لطول غيبة [ ص: 426 ] سيدها ، أو لعضلها انتهى .

                                                                                                                            ص ( ولا مالك بعض ، وله الولاية والرد ) ش يعني أن مالك بعض الرقيق ليس له جبره على النكاح سواء كان البعض الآخر حرا ، أو رقيقا إلا إذا اتفق المالكان على الجبر فلهما ذلك وإذا انتفى عن مالك البعض الجبر فله الولاية على الأمة وله رد نكاحها ونكاح العبد إذا تزوجها بغير إذنه ويشكل عليه أن كلامه يقتضي إذا زوج الأمة المشتركة أحد السيدين أن للآخر الإجازة والرد وليس كذلك قال في النكاح الأول من المدونة : ولا ينكح أمة ، أو عبد بين رجلين إلا بإذنهما فإن عقد أحد الشريكين للأمة بصداق مسمى لم يجز وإن أجازه السيد الآخر ويفسخ وإن دخل ويكون بين السيدين الصداق المسمى إن دخل فإن نقص عن صداق المثل أتم للغائب نصف صداق المثل إن لم يرض بنصف التسمية انتهى .

                                                                                                                            ولا يصح أن يقال : يندفع الإشكال بأن يكون الألف واللام في الولاية والرد للعهد يعني أن الولاية المعهودة في الأمة المملوكة جميعا لشخص واحد والرد الذي للسيد في رقيق الإناث والذكور كل على حسب ما تقرر فيه وإنما لم يصح هذا ; لأن الولاية المعهودة في الأمة المملوكة جميعا لشخص واحد ولاية الجبر وقد نفاها وقال ابن الحاجب : وإذا نكح الأبعد مع وجود المجبر لم يجز ولو أجازه كالأب ، ومثله السيد في أمته على الأرجح ولو كان شريكا قال في التوضيح : وقيل : يجوز في الأمة لخفة الأمر فيها والأصح ومقابله روايتان .

                                                                                                                            ( فرع ) وعلى المشهور أنه لا بد من فسخه فإن فسخ قبل البناء سقط الصداق عن الزوج ورجع به إن استهلكته ، أو ما نقص إن تجهزت به وإن لم يساوه الجهاز رجع على الذي زوجه إن غره ولم يعلمه أنه شريك يريد ويأخذ الجهاز وإن فسخ بعده وإن أجازه الشريك فإنما له نصف المسمى وإن لم يجزه ، أو أجازه ولم يرض بالصداق فالمشهور أن له الأكثر من المسمى وصداق المثل ويرجع الزوج بالزائد على الذي زوجه إن غره ويريد الجهاز بأن قال : هي حرة ، أو هي لي وحدي والشاذ لأشهب أن ماله نصف المسمى ابن المواز ولا شيء للعاقد من الصداق إن غره فإن قال هي حرة ، أو هي لي وحدي قال الشيخان أبو محمد وأبو الحسن : وإذا رجع على الغار بما دفع إليه ترك له ربع دينار وقيل : لا يترك له شيئا وهذا إذا رضي الشريكان في الأمة بقسم المال وإن أباها أحدهما فعلى الزوج أن يكمل لها صداق المثل على المشهور ويكون بيدها فإذا اقتسماه رجع على الذي زوجها منه بما استفضل في نصفه إن لم يكن غره وبجميع الزيد إن غره كما ذكرناه ا هـ . كلام التوضيح ويمكن أن يخرج هذا من كلام المصنف لنفيه عنه الجبر وهذا مجبر إذا وافقه شريكه قال ابن عرفة : المالك ولو تعدد يجبر عبده وأمته ا هـ . وهذا هو الظاهر فيكون داخلا في قوله بعد : وبأبعد مع أقرب إن لم يجبر انتهى .

                                                                                                                            فتحصل من هذا أن مالك البعض ولو انتفى عنه الإجبار فلا تنتفي عنه الولاية سواء كان البعض الآخر ملكا لآخر ، أو حرا فإن تزوج العبد ، أو الأمة بغير إذنه فإن كان البعض الآخر ملكا لآخر فتقدم حكمه وإن كان حرا فقال ابن الحاجب : ومن بعضه حر لا يجبر ولكنه كمالك الجميع في الولاية والرد قال في التوضيح : لأن البعض الحر لا تصرف له فيه قال في البيان : لا خلاف في ذلك وقوله كمالك الجميع في الولاية على الأمة وفي رد نكاح العبد ، أو الأمة إذا تزوجها بغير إذن السيد انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن عبد السلام : يعني أن المعتق بعضه والمعتق بعضها سواء كان الجزء العتيق يسيرا أو كثيرا لا يجبر واحد منهما على التزويج ; إذ لا تسلط للمالك إلا على الجزء الرقيق فلو أجبر السيد الأمة ، أو العبد المذكورين على النكاح لكان متصرفا في ماله ومال غيره ، ومعنى قوله : ولكنه كمالك الجميع ويفترقان في الإجبار خاصة وهذا بالنسبة إلى الأمة المعتق بعضها ، وأما العبد المعتق بعضه فلا يتصور فيه إلا الجبر خاصة فإذا انتفى الجبر لم [ ص: 427 ] يبق هناك مانع فقال : ولكنه كمالك الجميع في الولاية بالنسبة إلى الأمة وفي الرد بالنسبة إلى العبد ، أو وليهما انتهى . وهذا يقتضي أن من بعضها حر إذا تزوجت بغير إذن من له البعض فنكاحها باطل وهو ظاهر ; لأن غايتها أن تكون كأحد الشريكين في الأمة والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( والمختار ولا أنثى بشائبة ومكاتب )

                                                                                                                            ش : تصوره من كلام الشارح ظاهر وحيث انتفى إجبار السيد عنهم فلا تنتفي ولايته عنهم وله فسخ النكاح إن وقع بغير إذنه قال المتيطي بعد أن ذكر الأقوال الأربعة التي ذكرها الشارح واختيار اللخمي ولا يجب لأحد من هؤلاء أن ينكح إلا بإذن السيد انتهى .

                                                                                                                            وفي النكاح الأول من المدونة في ترجمة نكاح الخصي والعبد ولا يتزوج مكاتب ولا مكاتبة بغير إذن السيد لرجاء فضل ، أو غيره ; لأن ذلك يعيبهما إذا عجز فإن فعلا فللسيد فسخه انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية