الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص " وإن قرب فللأقرب ، أو الحاكم إذا غاب الرد "

                                                                                                                            ش : يعني إذا اطلع على النكاح الذي عقد بالولاية العامة مع وجود الولاية الخاصة في الشريفة وكان ذلك بالقرب فللولي الخاص أن يرده وسواء دخل بها ، أو لم يدخل قال في المدونة قال ابن القاسم : إذا أجازه الولي ; جاز دخل الولي أم لا وإذا أراد فسخه بحدثان الدخول فذلك له فأما إن طالت إقامته معها وولدت الأولاد ; أمضيته إن كان صوابا ولم يفسخ وقاله مالك ا هـ . فعلم من كلام ابن القاسم أنه إذا دخل وطال لم يفسخ وهو الذي قدمه المؤلف وعلم أيضا أنه إن لم يطل ; له الإجازة والرد دخل أم لا وبقي ما إذا لم يدخل وطال ففهم ابن التبان عنه أنه إذا طال تحتم فسخه عنده وعليه اقتصر ابن يونس ونصه تحصيل مذهب ابن القاسم فيها أنه إذا طال قبل البناء فلا بد من فسخه وإن كان بعد البناء فلا بد من إجازته وإنما يخير الولي في القرب كذا كان يدرسه بعض من لقيته من بعض شيوخنا ا هـ . وكذا قال عنه في التوضيح ونصه واختلف الشيوخ في فهم هذا القول فقال ابن التبان إن كان قبل البناء بالقرب ; فللولي إجازته وفسخه وإن طال قبله ; فليس له إلا الفسخ وإن كان بقرب البناء فليس للولي أيضا فسخه وإجازته وإن طال بعده فليس له فسخه قال عبد الحق وقال غير ابن التبان : إنه مخير قبل البناء وإن طال ، على مذهب ابن القاسم ا هـ . وإلى هذين التأويلين أشار المصنف بقوله : وفي تحتمه إن طال قبله تأويلان

                                                                                                                            وقوله : " أو الحاكم إن غاب " ظاهره أنه ينتقل الأمر في ذلك إلى الحاكم إذا غاب الولي الأقرب ولا ينتقل للأبعد وهو كذلك على مذهب المدونة وظاهره سواء قربت غيبته ، أو بعدت وليس كذلك فيما إذا قربت غيبته ، بل يكتب إليه قال في المدونة : وإذا استخلفت امرأة على نفسها رجلا فزوجها ولها وليان أحدهما أقعد بها من الآخر فلما علما أجازه الأبعد ورده الأقعد فلا قول هنا للأبعد بخلاف التي زوجها الأبعد وكره الأقعد ; لأن ذلك نكاح عقده ولي وهذا نكاح [ ص: 432 ] عقده غير ولي فلا يكون فسخه إلا بيد الأقعد فإن غاب الأقعد وأراد الأبعد فسخه نظر فيه السلطان فإن كانت غيبة الأقعد قريبة ; بعث إليه وانتظره ولم يعجل وإن كانت غيبته بعيدة نظر السلطان كنظر الغائب في الرد والإجازة وكان أولى من الولي الحاضر ا هـ . وقال أيضا بعده بنحو الورقة وإن كان وليها غائبا وقد استخلفت رجلا فزوجها فرجع أمرها إلى الإمام قبل قدوم وليها نظر الإمام في ذلك وبعث إلى وليها إن قرب فيفرق ، أو يترك وإن بعد ; نظر الإمام كنظره في الرد والإجازة ، وقال غيره : إن بعدت غيبة الولي لم ينتظر وينبغي أن يفرق الإمام بينهما ويأتنف نكاحها منه إن أرادته ولا ينبغي إن ثبت نكاح عقده غير ولي في ذات الحال والقدر ا هـ .

                                                                                                                            ( فرع ) قال في المدونة في هذا المحل : وإذا أراد الولي أن يفرق بينهما فعند الإمام إلا أن يرضى الزوج بالفراق دونه ا هـ .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية