الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص " وإن أذنت لوليين فعقدا فللأول إن لم يتلذذ الثاني بلا علم "

                                                                                                                            ش : أذنت لوليين يعني بأن تكون فوضت إليهما في رجلين معينين ، أو لما عين لها الثاني ناسية الأول قاله في التوضيح ومفهوم قوله إن لم يتلذذ الثاني فإن تلذذ فهي للثاني وهو كذلك وانظر لو خلا بها ، ثم تصادق هو والزوجة على أنه لم يقع منه تلذذ ولا وطء ما الحكم ؟ هل تكون هذه الخلوة فوتا على الأول ، أو لا تكون فوتا ؟

                                                                                                                            وظاهر نصوصهم أن الدخول فوت وانظر أيضا إذا ثبت للثاني هل يفسخ نكاح الأول بطلاق ، أو بغير طلاق ؟

                                                                                                                            والظاهر أنه يفسخ بطلاق ; لأنه مختلف فيه والله أعلم .

                                                                                                                            ( فرع ) فإن لم يدخل أحدهما وجهل الأول فهل تصدق المرأة ، أو الوليان أن أحدهما هو الأول فيه قولان : مذهب المدونة عدم التصديق وقول أشهب في الواضحة : التصديق قاله في المقدمات قال : وانظر إذا أقر أحد الوليين أنه زوج وقد علم بتزويج الآخر قبله هل يصح له النكاح ولا يفرق بينهم ، أو لا ؟ انتهى .

                                                                                                                            ومفهوم قوله بلا علم أنه لو علم ودخل لم تفت بذلك وهو كذلك ، قال ابن الحاجب ، أما لو دخل بعد علمه لم ينفعه الدخول وكانت للأول منهما قال في التوضيح : إن من شرط كونها للثاني أن يدخل وهو غير عالم بالأول لقوة الشبهة ، أما لو دخل بعد علمه بأنه ثان ; فلا انتهى .

                                                                                                                            ونحوه لابن عبد السلام ولا يفيده طلاق الأول ، أو موته قاله ابن الحاجب وانظر هل يحد ، أو لا يحد ؟ والله أعلم .

                                                                                                                            ( فرع ) فإن لم يعلم الأول منهما ودخلا جميعا فسخ النكاحان قاله في المقدمات قال ويدخل الخلاف المذكور في تصديق المرأة ، أو الوليين على الأول منهما إلا أنه يكون على كل واحد منهما صداقها المسمى بالمسيس انتهى ، وأما إذا دخلا جميعا وعلم الأول منهما في العقد إلا أن الزوج الثاني لم يعلم بعقد الأول فلو كان دخول الثاني قبل دخول الأول فالظاهر أنها له لكونه دخل بها ولم يعلم بعقد الأول ، وأما إن كان الأول هو الذي دخل قبل الثاني قال ابن بشير لا شك في مضي نكاحه وإبطال إنكاح الآخر انتهى .

                                                                                                                            ، وقال الرجراجي لا خلاف أنها للأول ويفسخ نكاح الثاني انتهى إلا أنهما قالاه فيما إذا دخل الأول ولم يدخل الثاني [ ص: 441 ] والظاهر أنه كذلك في مسألتنا ; لأنه لما أن دخل الأول فاتت على الثاني كما قالا فوطء الثاني بمنزلة من عقد على زوجة شخص ودخل عليها والله أعلم .

                                                                                                                            ص " إن لم تكن في عدة وفاة ولو تقدم العقد على الأظهر "

                                                                                                                            ش : هذا شرط في تفويت دخول الثاني بها وفهم من قوله في عدة وفاة أن طلاق الأول لا يضر الثاني سواء عقد الثاني ودخل قبل طلاق الأول ، أو عقد ودخل بعد طلاقه ، أو عقد قبل طلاقه ودخل بعد طلاقه وهو كذلك ; لأنه طلاق قبل البناء فلا عدة فيه ، وأما في وفاة الأول فإن عقد الثاني ودخل قبل موته فهي له ولا ترث الأول ، وأما إذا كان العقد والدخول بعد الموت فهي في عدة الأول وترثه وتحرم على الثاني على التأبيد ، وكذلك إن وقع العقد قبل الموت والدخول بعده على ما اختاره ابن رشد وانظر التوضيح وكان الأليق بقاعدة المؤلف أن يشير لابن رشد بالفعل ; لأنه اختاره من نفسه لا من الخلاف وإنما خرجه على مسألة المفقود قاله ابن عرفة والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية