الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص " ، أو على شرط يناقض المقصود كأن لا يقسم لها "

                                                                                                                            ش : من الشروط المناقضة أن يشترط أن لا ينفق عليها وأن تكون النفقة على غيره قال في رسم حلف أن لا يبيع رجلا من سماع ابن القاسم من كتاب النكاح وسئل مالك عن الرجل يزوج ابنه صغيرا ويشترط على الأب نفقة امرأته ؟

                                                                                                                            قال : لا خير في هذا قال عيسى : وسألت ابن القاسم عنه قال : يفسخ قبل الدخول فإن دخل جاز وكانت النفقة على الزوج قال مالك : أرأيت لو مات الأب أيوقف لها ماله ، أو كان عليه دين يحاص به الغرماء استنكارا لذلك ؟ ابن القاسم قال لي : هذا وشبهه وأكثر الكلام فيه على وجه الكراهة ابن رشد اختلف قول مالك في شرط النفقة في النكاح على والد الابن الصغير حتى يبلغ وولي السفيه حتى يرشد أجازه مرة وكرهه أخرى .

                                                                                                                            وقال بكل منهما كثير من أصحاب مالك وحكى ابن حبيب عن ابن الماجشون وابن وهب عن مالك إجازة ذلك وزاد لزوم ذلك ما عاش الأب والزوج مولى عليه وهذا الخلاف إنما هو إذا لم يقع بيان إن مات الأب قبل بلوغ الصبي ، أو الولي قبل رشد اليتيم وسقطت النفقة بموتهما هل تعود في مال الصبي ومال اليتيم ، أو لا تعود عليهما إلى بلوغ الصبي ورشد اليتيم ؟ فإن شرط عودها في مالهما جاز النكاح اتفاقا .

                                                                                                                            وإن شرط سقوطها إلى بلوغ الصبي ورشد اليتيم ; كان النكاح فاسدا اتفاقا ، وإنما الخلاف إذا وقع الشرط مبهما وعلى القول بفساده قال ابن القاسم : إن دخل جاز وكانت النفقة على الزوج ولم يبين هل هو بالمسمى ، أو بمهر المثل ؟ وهو الأظهر ، ولو شرط النفقة في نكاح الكبير المالك أمر نفسه في نفس العقد على غيره فسخ قبل البناء قال ابن حبيب : إلا أن ترضى المرأة بكون النفقة على الزوج ويثبت بعده وتكون النفقة على الزوج ولا يدخله الخلاف الذي في المسألة الأولى لظهور الغرر والفساد في هذه ولا يجوز النكاح على إعطاء الزوج حميلا بالنفقة ; لأنها ليست بدين ثابت في ذمته كالمهر فإن وقع عليه فسخ قبل البناء وثبت بعده بمهر المثل ولو وقع في مسألة اشتراط النفقة على غير الزوج بيان رجوعها على الزوج إن مات من اشترطه عليه ، أو طرأ عليه دين ، أو ما يبطل النفقة عنه ; جاز النكاح على قياس ما تقدم وقيل : يفسخ قبل البناء على كل حال ; لأن شرطها على غير الزوج خلاف السنة ويمضى بعده بمهر المثل ويسقط الشرط وإليه نحا الأبهري وما قلناه أبين وأظهر انتهى .

                                                                                                                            بعضه باللفظ وبعضه بالاختصار .

                                                                                                                            ابن عرفة وقال في البيان بعده في رسم حلف ليفعلن وسئل عن العبد يزوج ويشترط النفقة على سيده فقال مالك : لا يجوز لو هلك ذهب الشرط ولو جاز هذا لأخذ لها النفقة من مال سيده ومعنى قوله فيما نرى والله أعلم إذا لم يدخل بها قال عيسى قلت لابن القاسم : فإن دخل بها ؟ قال : يثبت النكاح وتكون النفقة على العبد وسقط الشرط على السيد ابن رشد قد مضى القول في هذه المسألة في رسم حلف أن لا يبيع رجلا يشير إلى الكلام المتقدم وفي المتيطية في نكاح العبد واختلف في اشتراط النفقة على [ ص: 446 ] السيد فمنعه في كتاب محمد وأجازه أبو مصعب انتهى فتحصل من هذا أنه إذا اشترط نفقة زوجة العبد على سيده ، أو زوجة الصبي على أبيه ، أو المولى عليه على وليه فلا يجوز ويفسخ قبل الدخول ويثبت بعده ويسقط الشرط وهذا داخل في قول المصنف وألغي والله أعلم .

                                                                                                                            ( فرع ) فلو لم ينعقد على ذلك وتطوع السيد بالتزام النفقة ، أو الأب ، أو الولي فالظاهر أنه يلزمه قال البرزلي في أثناء مسائل النكاح عن ابن رشد وسئل عمن زوج عبده وأشهد على نفسه تطوعا بعد العقد أنه ينفق عليها مدة الزوجية ، ثم مات هل توقف تركته لذلك ؟ وكيف إن كان في أصل العقد ، أو اختلفا في ذلك ؟

                                                                                                                            فأجاب بأنه لا شيء في تركة السيد إن مات ; لأنه متطوع وإنما يجب عليه مدة الزوجية ما دام حيا وبعد الموت هبة لم تقبض ولو شرط في أصل النكاح لكان فاسدا يفسخ قبل البناء ويثبت بعده بمهر المثل ويبطل الشرط ويكون على العبد وقيل : لا يفسخ إذا أسقطت شرطها والنفقة على الزوج ووجه الأول الغرر ; إذ قد يموت السيد قبل انقضاء العصمة ولو شرط أنه إن مات قبل انقضاء العصمة لرجعت على العبد ; جاز ولو اختلفا هل كان شرطا ، أو تطوعا فالقول قول من ادعى الشرط لشهادة العرف له هذا الذي أقول به على منهاج مذهب مالك انتهى ومثله يقال : في الصبي والمولى عليه والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية