الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ثم قال ابن عرفة ودفع عوض في معلوم قدر ذهب أو فضة غير مسكوك لأجل سلم لا بيع لأجل ; لأنه لو استحق لم ينفسخ بيعه ، ولو بيع معينا انفسخ بيعه بالاستحقاق ا هـ .

                                                                                                                            ( قلت : ) انظر هذه الصورة التي حكم عليها بأنها سلم ، فإن الذي يظهر لي أنها داخلة في حده للبيع فتأمله ، والضمير في قوله : ; " لأنه لو استحق " عائد على المسلم فيه ، وكذا يدخل في حده للبيع السلم في ثمر حائط بعينه مع أنه يسمى سلما ، ويدخل فيه بعض أنواع الصلح كما لو صالح عن دين له من ذهب أو فضة بعوض يساوي ذلك أو يقاربه بزيادة أو نقص ، والظاهر أيضا أن قوله : ولا متعة لذة مستغنى عنه بقوله : على غير منافع كما تقدم في كلام المازري وابن بشير والله أعلم . وقال البرزلي بعد ذكره كلام ابن عرفة ظاهر هذه الاعتراضات وأجوبتها يدل على طلب حقيقة الشيء وماهيته في هذا الباب وغيره ، وحقائق الأشياء لا يعلمها إلا الله فهو المحيط بها من جميع الجهات فهو العالم بما يحصلها ، والمطلوب في معرفة الحقائق الشرعية وغيرها إنما هو ما يميزها من حيث الجملة عما يشاركها في بعض حقائقها حتى يخرج عنها ما يسري إلى النفس ، مثل أن يقال : ما الإنسان ، فيقال : منتصب القامة فيحصل تمييزه عن باقي الحيوانات التي يسرع إلى النفس دخولها لا كل حقيقة غيره ; لأنه يدخل عليه الحائط والعمود وكل منتصب القامة لكن لما كان غير مقصود في هذا الكلام لم يقع الاحتراز منه ، قال بعض حذاق المنطقيين : وهذا المعنى كثيرا ما يقع من حكماء المتقدمين قصدهم التمييز على ما يحصل التمييز في النفس ، ولو بأدنى خاصية فيعترض عليهم المتأخرون لاعتقادهم أنهم يأتون بالحقائق التي تشتمل على جميع الذاتيات ، وهم لا يقصدون ذلك لأنه لا يعلم حقائق الأشياء إلا الله سبحانه ، وكذلك أشار إليه ابن البناء في رفع الحجاب في بعض رسوم التلخيص فكل من عرف البيع بما عرفه به إنما هو تصور معرفته من حيث الجملة لا تحصل معرفته بجميع الذاتيات فالاعتراض عليهم ضعيف والله أعلم ا هـ .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية