الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( كاحصد وادرس ولك نصفه ) ش قال في المدونة : وإن قال احصده وادرسه ، ولك نصفه لم يجز ; لأنه استأجره بنصف ما يخرج من الحب ، وهو لا يدري كم يخرج ، ولا كيف يخرج ؟ وكذلك لو بعته زرعه جزافا ، وقد يبس على أن عليك حصاده ودرسه وذريه لم يجز ; لأنه اشترى حبا جزافا لم يعاينه ، ولو قال : على أن كل قفيز بدرهم جاز ; لأنه معلوم بالكيل ، وهو يصل إلى صفة القمح بفرك سنبله ، وإن تأخر درسه إلى مثل عشرة أيام ، أو خمسة عشر يوما فهو قريب ، وقال قبله : ومن قال لرجل : احصد زرعي هذا ، ولك نصفه أو جد نخلتي هذه ، ولك نصفها جاز ، وليس له تركها ; لأنها إجارة ، وكذلك لقط الزيتون انتهى .

                                                                                                                            أي إذا قال له : القط زيتوني ولك نصفه قال أبو الحسن عن الأمهات : فحين يحصده وجب له نصفه عياض ظاهر هذا أنه إنما يجب له بعد الحصاد ، والذي يأتي على أصولهم أنه وجب له بالعقد ألا تراهم جعلوا ما هلك قبل حصاده وبعده من الأجير ، وقال الرجراجي : هذا هو المشهور ، وقال في التوضيح ابن حبيب : والعمل في تهذيبه بينهما ابن يونس يريد ، ولو شرط في الزرع قسمته حبا لم يجز ، وإن كان إنما يجب له بالحصاد فجائز ، وكذلك في كتاب ابن سحنون عبد الحق ، ولا يجوز قسمه قتا ويدخله التفاضل ، وفي هذا خلاف في الربويات وغيرها ، واعترض منع قسمته حبا بأنه شرط يوافق مقتضى العقد ; لأن الأجير لا يستحقه إلا بعد عمله ، وحينئذ لا يتمكن من أخذ نصيبه إلا مهذبا ، وأجيب بمنع ; لأنه لا يملكه إلا بعد الحصاد ، فقد قال ابن القاسم : إذا تلف قبل أن يحصده ، أو بعد أن حصد بعضه هو منهما ، وعليه أن يستعمله في مثله ، أو مثل ما بقي منه ، وخالف في ذلك سحنون انتهى .

                                                                                                                            بالمعنى واللفظ ، فقد ظهر الفرق بين هذه المسألة [ ص: 402 ] الممنوعة والمسألة الجائزة الآتية في قوله : واحصد هذا ، ولك نصفه بأن هنا لما استأجره على حصاده ودرسه ، فكأنه استأجره بالحب ، وذلك لا يجوز ، وفي المسألة الأخرى إنما استأجره بنصف الزرع القائم الذي يحصده ، وذلك صحيح ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية