الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وكإن خطته اليوم بكذا ، وإلا فبكذا )

                                                                                                                            ش : قال فيها : وإن آجرت رجلا يخيط لك ثوبا إن خاطه اليوم فبدرهم ، وإن خاطه غدا فنصف درهم [ ص: 404 ] أو قلت له : إن خطت خياطة رومية فبدرهم ، وإن خطته خياطة عربية فبنصف درهم لم يجز ، وهو من وجه بيعتين في بيعة ، فإن خاطه فله أجر مثله زاد على التسمية ، أو نقص قال غيره في المسألة الأولى إلا أن يزيد على الدرهم ، أو ينقص من نصف الدرهم فلا يزاد ، ولا ينقص أبو الحسن ويعتبر في التقويم التعجيل والتأخير أي يقال : كم قيمة خياطة هذا الثوب اليوم ؟ وكم قيمة خياطته إلى غد ؟ ونحوه في ابن يونس سحنون وقول ابن القاسم أحسن ( فرعان الأول : ) إذا استأجره على خياطة ثوب بدرهم ، ثم قال له : عجله لي اليوم وأزيدك نصف درهم ، فإن كان على يقين من أنه يمكنه تعجيله فذلك جائز ، وإن كان لا يدري إذا أجهد نفسه هل يتم أم لا فكرهه مالك ومثله استئجار رسول على تبليغ كتاب لبلد بكذا ، ثم زيادته على أن يسرع في السير فيبلغه في يوم كذا يفصل فيه كما تقدم هذا الذي ارتضاه ابن رشد في رسم سلف من سماع ابن القاسم من الإجارة ، ونصه : سئل مالك عن الرجل يستخيط الثوب بدرهم ، ثم يقول له بعد ذلك : عجله لي اليوم ، ولك نصف درهم قال مالك : لا أرى به بأسا وأرجو أن يكون خفيفا ، ولم يره كالرسول يزاد لسرعة السير قال ابن رشد : أما الذي يستخيط الرجل الثوب بأجل مسمى ، ثم يزيده بعد ذلك على أن يعجله له فلا إشكال أن ذلك جائز ; لأن تعجيله ممكن له ، ولا ينبغي أن يتعمد تأخيره ومطله إضرارا به لغير سبب ، وله أن يتسع في عمله ويؤخره لعمل غيره قبله ، أو للاشتغال بما يحتاج إليه من حوائجه على ما جرى من عرف الصناع في التراخي في أعمالهم ، فإذا زاده على أن يتفرغ له ، ويعجله جاز ; لأنه أخذ ما زاده على فعل ما يقدر عليه ، ولا يلزمه انتهى .

                                                                                                                            ونقله ابن عرفة وبعض الكلام في التوضيح والله أعلم .

                                                                                                                            ( الثاني : ) من استأجر غلمانا يخيطون الثوب كل شهر بشيء مسمى فلا يجوز أن يطرح على أحد منهم ثيابا على أنه إن فرغ منها في يوم فله بقيته ، وإن لم يفرغ منها في يوم كان عليه يوم آخر لا يحبسه له في شهر إن كان ذلك كثيرا لكثرة الغرر في ذلك ، وإن كان ذلك يسيرا فذلك خفيف قاله في أول سماع ابن القاسم من الإجارة

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية