الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( تنبيهات الأول ) قال في الإكمال : وهذه الركعة التي يكون بها مدركا للأداء أو الوجوب في الوقت هي قدر ما يكبر للإحرام ويقرأ أم القرآن قراءة معتدلة ويركع ويرفع ويسجد سجدتين ويفصل بينهما ويطمئن في كل ذلك على قول من أوجب الطمأنينة وعلى قول من لا يوجب أم القرآن في كل ركعة يكفيه تكبيرة الإحرام والقيام لها انتهى .

                                                                                                                            وقال في التوضيح قال اللخمي ويعتبر قدر الإحرام وقراءة الفاتحة قراءة معتدلة والركوع والسجود ويختلف هل تقدر الطمأنينة أم لا على الخلاف في وجوبها وتردد على القول بأن القراءة إنما تجب في الجل هل يراعى قدرها في الإدراك ; لأن له تقديمها في الركعة الأولى ، أو لا يراعى إذ لا تعتبر فيها ؟ خليل وينبغي على هذا أن تؤخر القراءة ; لأن ما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب .

                                                                                                                            ( قلت ) الذي في كلام اللخمي أنه تردد على القول بأنها فرض في ركعة واحدة لكن يلزم منه التردد على القول بوجوبها في الجل ولعل المصنف إنما فرع عليه لقوته وضعف القول بوجوبها في ركعة واحدة ولكن لا يلزم من التردد على القول بوجوبها في الجل التردد على القول بوجوبها في ركعة فقط فتأمله وسيأتي لفظ اللخمي وقول ابن عرفة : وفي كونها أي : الركعة بقراءتها وطمأنينتها قول القاضي مع ظاهر الروايات وتخريج اللخمي على عدم فرضيتها يقتضى ، جزم اللخمي بذلك والذي في كلامه إنما هو التردد نعم تقدم في كلام صاحب الإكمال الجزم بذلك ونص كلام اللخمي : وأرى أن يراعى قدر الإحرام وقراءة " الحمد " على القراءة المعتدلة والركوع والسجود ويختلف هل تقدر الطمأنينة فمن قال الطمأنينة فرض في جميع ذلك قدر الطمأنينة في الركوع والرفع منه وفي السجود والجلوس ما بين السجدتين ، وعلى القول الآخر يراعى أقل ما يقع عليه اسم ركوع ، أو سجود ، وكذلك قراءة " الحمد " على القول بأنها فرض في ركعة يصح أن يقال : إذا كان يدرك الركعة بسجودها دون القراءة أن الصلاة تجب عليه ، ويقال : له اقرأ بها في باقي الصلاة ويصح أن يقال : لا شيء عليه ; لأنه يقول لي أن أعجلها وأقدم القراءة في الركعة الأولى وإذا أعجلتها لم أدرك الركوع والسجود في الوقت فيسقط عني الخطاب بها انتهى .

                                                                                                                            ( الثاني ) علم مما تقدم أن المنصوص في المذهب أنه لا بد من اعتبار قدر قراءة الفاتحة في الركعة التي يدرك بها وقت الوجوب أو وقت الأداء ، وكذلك لا بد من اعتبار قدر الطمأنينة ، وأما ما سوى ذلك فإنما هو تخريج لا يعمل به .

                                                                                                                            ( الثالث ) علم من هذا أيضا أنه يجب على من تحقق أنه إذا قرأ السورة في ركعة خرج الوقت أنه يترك قراءة السورة ، وكذلك إن غلب ذلك على ظنه ويبقى النظر في مسألة أخرى وهي أن من تحقق أو غلب على ظنه أنه إذا قرأ السورة في الركعة وقع بعض الصلاة خارج الوقت فهل يقرأ بها ; لأنه يدرك الصلاة بركعة ، أو يقال : يجب عليه أن يترك السورة ويقتصر على قراءة الفاتحة ; لأن إيقاع بعض الصلاة خارج الوقت لا يجوز وسيأتي في باب الوتر أنه إذا لم يبق لطلوع الشمس إلا ما يسع ركعتين ، ولم يكن صلى الوتر أنه يصلي فيهما الصبح ويترك الوتر على المشهور مع أنه أوكد السنن على الإطلاق فهذا يقتضي أنه يترك السورة ; لأن إيقاع الصلاة كلها في الوقت ، نعم إذا أدرك الركعة من الوقت ثم خرج الوقت [ ص: 408 ] فإنه يقرأ السورة في الركعة الثانية وسواء كان قرأ السورة في الأولى أم لم يقرأها ، وهذا هو الظاهر عندي ، ولم أقف عليه منصوصا والله - تعالى - أعلم .

                                                                                                                            ( الرابع ) هذا حد الركعة التي يدرك بها الأداء ، أو الوجوب قال في الإكمال ، وأما الركعة التي يدرك بها فضيلة الجماعة فهي أن يكبر لإحرامه قائما ثم يركع ويمكن يديه من ركبتيه قبل رفع الإمام رأسه هذا مذهب مالك وأصحابه وجمهور الفقهاء من أهل الحديث والرأي وجماعة من الصحابة والسلف وروي عن أبي هريرة أنه لا يعتد بالركعة ما لم يدرك الإمام قائما قبل أن يركعها وروي معناه عن أشهب من أصحابنا انتهى . وسيأتي بقية الكلام على ذلك عند قول المصنف : " وإنما يحصل فضلها بركعة " والله - تعالى - أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية