الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فرع ) قال في المدونة ومن دخل مسجدا قد صلى أهله فجائز أن يتطوع قبل المكتوبة إن كان في بقية من الوقت ، وكان ابن عمر يبدأ بالمكتوبة قال ابن ناجي قال المغربي قوله : وكان ابن عمر يحتمل أن يكون جاء به على معنى الدليل ، وكأنه قال : جاز أن يتطوع قبل المكتوبة إن كان في بقية من الوقت والأولى أن يبدأ بالمكتوبة ، وقد كان ابن عمر يبدأ بها انتهى .

                                                                                                                            وفي الطراز أما جواز ذلك فمتفق عليه مع سعة الوقت ، وعلى منعه إذا لم يبق إلا قدر المكتوبة ، ومع الاتساع فما الأحسن ؟ ليس في الكلام دليل على شيء من ذلك ثم ذكر فعل ابن عمر قال : وعن سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح وغير واحد من أهل العلم مثله ، ولأنه إنما أتي بقصد الفريضة فإذا لم يشتغل بغيرها كان حرصا عليها وطلبا لها فيرجى حصول الثواب ولأن ذلك أقرب لوقت الفضيلة ، وهو أول الوقت انتهى .

                                                                                                                            وقال الباجي في جامع الصلاة : إذا دخل الإنسان المسجد يريد أن يصلي صلاة فرض فلا يخلو : إما أن يكون قد ضاق الوقت ، أو يكون فيه سعة فإن ضاق الوقت بدأ بالفريضة ، ولا يجوز له أن يصلي قبلها نافلة ، وإن كان في سعة فهو بالخيار إن شاء أن يبدأ بالنافلة قبل الفريضة فله ذلك ، وإن شاء بدأ بالفريضة ، وهو الأظهر من فعل ابن عمر انتهى .

                                                                                                                            ففهم من كلامهم أن الأولى تقديم الفريضة ، وفي التوضيح في شرح قول ابن الحاجب في الأوقات ، وهو للمنفرد أول الوقت قال ابن العربي في القبس : والأفضل للمنفرد تقديم الفرض على النفل ثم يتنفل بعد الصلاة قال ، وقد غلط في ذلك بعض المتأخرين انتهى .

                                                                                                                            وينبغي أن يقيد هذا بما إذا كانت الصلاة يجوز التنفل بعدها ، وأما ما لا يجوز كالعصر والصبح فلا ، وهو يؤخذ من قوله : ويتنفل بعدها انتهى .

                                                                                                                            كلام التوضيح ، وقال ابن الحاج في مناسكه لما تكلم على فورية الحج وتراخيه : الصلاة تجب بأول الوقت وجوبا موسعا فإن عجلها فيه فقد أدى فرضه وتعجيلها نفل ، والتنفل قبلها ، وأداؤها بعد ذلك في الوقت أفضل ، فإن قال قائل : فقد روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم { سئل أي الأعمال أفضل ؟ فقال : الصلاة لأول وقتها } فليس في هذا حجة ; لأنه يمكن أن يريد بذلك الصلاة في أول وقتها بعد التنفل قبلها بدليل ما روي عنه عليه الصلاة والسلام { أنه كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين } رواه عنه ابن عمر انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية