الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( أن يعيد مفوضا [ ص: 86 ] مأموما ) ش هذا هو المشهور من الأربعة الأقوال كذا شهره ابن الفاكهاني إلا أنه قال : ومع التفويض لا بد من نية الفرض ، وظاهر كلام غيره : أن نية التفويض لا ينوى بها فرض ، ولا غيره ، وقال في الذخيرة : وإذا أعاد لا يتعرض لتخصيص نية أو ينوي الفرض أو النفل أو إكمال الفريضة أربعة أقوال انتهى .

                                                                                                                            وقال أيضا في شروط الصلاة : قال صاحب الطراز : المعيد لصلاته في جماعة ، والصبي لا يتعرضان لفرض ، ولا نفل انتهى .

                                                                                                                            وانظر كلام سند في باب الجمعة عند قول المصنف وشرط الجمعة وقوع كلها بالخطبة ، وقال في سماع محمد بن خالد من كتاب الصلاة قال محمد : سألت ابن القاسم عمن صلى العصر في بيته ثم أتى المسجد فوجد القوم ، ولم يصلوا هل يتنفل ؟ قال : إن أحب أن ينتظر الصلاة ، فلا يتنفل ، وإن أحب أن ينصرف فلينصرف ابن رشد ، وهذا كما قال لنهيه عليه الصلاة والسلام عن الصلاة بعد العصر للغروب وبعد الصبح للطلوع ، وهذا في النوافل عند مالك وإنما يعيد العصر في جماعة بعد أن صلى وحده بنية الفريضة ، ولا يدري أيتهما صلاته ، ومن جعل الأولى صلاته ، والثانية نافلة لا يجيز له إعادة العصر والصبح في جماعة ; إذ لا نافلة بعدهما انتهى .

                                                                                                                            فتأمل فوائد هذا الكلام . ونحو هذا ما قاله سند في آخر الباب العاشر من كتاب الحج الأول ، ونصه فرع ، ومن صلى العصر وحده في بيته ثم جاء ليطوف ثم وجد الإمام لم يصل فإنه يؤمر بالصلاة معهم ، وإن طاف قبل أن يصلي معهم لا يركع حتى تغرب الشمس قاله مالك في الموازية ، وهو بين على أصله ; لأنه ممنوع من الركوع ، ولو أراد أن يركع ابتداء قبل أن يصلي معهم لم يجز عنده وإنما أعاد الفرض فقط بالسنة انتهى .

                                                                                                                            وقال في رسم أسلم وله بنون صغار من سماع عيسى من كتاب الصلاة سئل عن الرجل يصلي في بيته ثم يأتي المسجد فيجد الناس في تلك الصلاة فيصلي معهم فيذكر عند فراغه أن التي صلاها في البيت صلاها على غير وضوء ، ولم يعمد صلاح تلك بهذه التي صلى مع الإمام فقال : صلاته التي صلى على الطهر مجزئة عنه ، وليس عليه إعادة ، قال ابن رشد مثل هذا في أول رسم من سماع سحنون لابن القاسم وزاد فيه أن مالكا قاله ولأشهب أن صلاته باطلة ، وعليه الإعادة فوجه قول ابن القاسم وروايته عن مالك أنه لم يدخل مع الإمام بنية النافلة وإنما دخل معه بنية الإعادة لصلاته ، وإن كان قد صلاها فوجب أن تجزئه إن بطلت الأولى ، وأن تجزئه الأولى إذا بطلت هذه ; لأنه صلاهما جميعا بنية الفرض كالمتوضئ يغسل وجهه مرتين أو ثلاثا ، فإن ذكر أنه لم يعم في بعضها أجزأه ما عم به منهما ، ويؤيد هذا قول عبد الله بن عمر للذي سأله أيهما يجعل صلاته : أوأنت تجعلها إنما ذلك إلى الله تعالى ، وقد قيل : إنهما جميعا له صلاتان فريضتان ، وهو الذي يدل عليه قول مالك : إنه لا يعيد المغرب في جماعة ; لأنه إذا أعادها كانت شفعا ، ووجه قول أشهب : أن جعل الأولى صلاته إذ إنما دخل مع الإمام لفضل الجماعة مع ما قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها له نافلة ، وليس قوله بجار على المذهب ; إذ لو كانت الأولى هي صلاته على كل حال ، والثانية نافلة لما جاز لمن صلى الصبح أو العصر وحده أن يعيدها في جماعة ; إذ لا يتنفل بعدهما ، وقد قيل : إنه إذا أعاد في جماعة ، ودخل فيها فقد بطلت الأولى ، وحصلت هذه صلاته فإن بطلت عليه لزمه إعادتها ، وقد قيل : إنها لا تبطل عليه الأولى حتى يفعل من الثانية ركعة أو أكثر ، وبالله التوفيق انتهى .

                                                                                                                            وانظر آخر رسم المحرم ، ويجعل خرقة من سماع ابن القاسم وآخر رسم لم يدرك من سماع عيسى ، وفي أثناء سماع سحنون والله أعلم .

                                                                                                                            وقال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب وحقيقة التفويض أن ينوي بالثانية الفرض ، ويفوض إلى الله - تعالى - في القبول ، وقد وقع لمالك في المبسوط ما يشير إلى هذا انتهى .

                                                                                                                            وقال في النوادر : ومن المجموعة قال أشهب وعبد الملك [ ص: 87 ] ومن صلى وأعاد في الجماعة فليس يحتاج إلى علم النافلة منها وذلك جزاؤه بيد الله سبحانه وتعالى انتهى .

                                                                                                                            ص ( ولو مع واحد )

                                                                                                                            ش : قال الجزولي واختلف هل يعيد مع واحد ؟ المشهور لا يعيد ما لم يكن إماما راتبا فإن كان معه أعاد بلا خلاف انتهى .

                                                                                                                            وصرح بالإعادة مع الإمام الراتب ابن عرفة وابن الحاجب وغيرهما ، وقال ابن غازي : عول في الإعادة مع الواحد غير الإمام الراتب على صاحب اللباب وابن عبد السلام ، وما كان ينبغي له ذلك فإن الحفاظ لم يجدوه في المذهب حتى انتقد على ابن الحاجب جعله مقابل الأصح فقال ابن عرفة ونقل ابن الحاجب تعاد مع واحد ، ولا أعرفه انتهى .

                                                                                                                            فإن قيل الاثنان إذا كانا في جماعة وجب أن يعيد مع واحد والأوجب أن يعيد من صلى مع الواحد جوابه : هما جماعة إذا كانا مفترضين ، والمعيد ليس بمفترض انتهى . من الذخيرة

                                                                                                                            ص ( وإلا شفع )

                                                                                                                            ش : يعني ، وإن عقد ركعة من المغرب فإنه يشفعها ويسلم ، وانظر هل يشفعها مع الإمام أو يصلي لنفسه ركعة الذي يفهم من كلامه في النوادر أنه يصلي مع الإمام الثانية وانظر الطراز فإنه قال : يصلي الثانية مع الإمام ، ويسلم قبله

                                                                                                                            ص ( وأعاد مؤتم بمعيد أبدا أفذاذا )

                                                                                                                            ش : قال ابن عرفة : ولا يؤم معيد ، وفي إعادة مأمومه أبدا مطلقا أو ما لم يطل لابن حبيب معها وسحنون اللخمي إن نوى الفرض صحت على الفرض والتفويض صحت أم بطلت الأولى ، والنفل صحت على إمامة الصبي ، وفي رد المازري بأنه ينوي الفرض نظر ; لأنه ممتنع بل ينوي عينها فقط انتهى .

                                                                                                                            وتقدم عند قول المؤلف : ونية الصلاة المعينة أن الصبي لا ينوي الفرض فانظر لو تبين عدم الأولى أو فسادها هل يلزمه والمأمومين إعادة ؟ وفهم بعضهم قول المؤلف ، وإن تبين عدم الأولى عليه فتأمله والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية