الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو تنجس طاهر كخل ودبس ذائب ) بالمعجمة ( حرم ) تناوله لتعذر تطهيره كما مر آخر النجاسة بدليله أما الجامد فيزيل النجس وما حوله ويأكل باقيه للخبر هذا هو المحترز عنه فلا يقال ظاهره أن المتنجس الجامد لا يحرم مطلقا ولا يكره أكل بيض سلق في ماء نجس ولا يحرم من الطاهر إلا نحو حجر وتراب ومنه مدر وطفل لمن يضره وعليه يحمل إطلاق جمع متقدمين حرمته بخلاف من لا يضره كما قاله جمع متقدمون واعتمده السبكي وغيره وسم وإن قل إلا لمن لا يضره ونبت ولبن جوز أنه سم أو من غير مأكول [ ص: 388 ] ومسكر ككثير أفيون وحشيش وجوزة وعنبر وزعفران وجلد دبغ ومستقذر أصالة بالنسبة لغالب ذوي الطباع السليمة كمخاط ومني وبصاق وعرق لا لعارض كغسالة يد ولحم مثلا أنتن وخرج بالبصاق وهو ما يرمى من الفم الريق وهو ما فيه فلا يحرم فيما يظهر من كلامهم لأنه غير مستقذر ما دام فيه ومن ثم { كان صلى الله عليه وسلم يمص لسان عائشة }

                                                                                                                              وصح في حديث : { هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك } مالك ولعابها بضم اللام وقول عياض إنه بكسر اللام لا غير مردود فالإغراء على ريقها صريح في حل تناوله ولو وقعت ميتة لا نفس لها سائلة ولم تكثر بحيث تستقذر أو قطعة يسيرة من لحم آدمي في طبيخ لحم مذكى لم يحرم أكل الجميع خلافا للغزالي في الثانية وإذا وقع بول في قلتي ماء ولم يغيره جاز استعمال جميعه لأنه لما استهلك فيه صار كالعدم

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : هذا هو المحترز عنه ) بذائب .

                                                                                                                              ( قوله : ونبت ولبن جواز أنه سم أو من غير مأكول ) كذا في العباب قال الشارح في شرحه كما ذكره القاضي قال وكذا لو وجد مذبوحا وشك هل ذبحه من يحل ذبحه أو غيره لكن اعترضه النووي في النبات ، واللبن بأنه يتعين تخريجهما على الأشياء قبل الشرع فالصحيح لا حكم فيحلان . ا هـ ويفرق بينهما وبين المذبوح بأن الأصل فيهما التحريم حتى يعلم المبيح ولم يعلم بخلافهما فإن الأصل فيهما الحل ا هـ . كلام شارح العباب وما ذكره في المذبوح شامل لما [ ص: 388 ] إذا غلب المسلمون أو لا فليراجع كلامهم في باب الاجتهاد فإنهم ذكروا ذلك هناك وفصلوا فيه ثم ( قوله : ومسكر ككثير أفيون وحشيش إلخ ) في الروض ويحرم مسكر كالنبات وإن لم يطرب ولا حد فيه ا هـ . وقضيته عدم الحد وإن أطرب ، والظاهر أنه المعنى خلافا لما في شرحه عن الماوردي ( قوله : وجلد دبغ ) عبارة الروض ويحل أكل طاهر لا ضرر فيه إلا جلد ميتة دبغ قال في شرحه وخرج بالميتة جلد المذكاة فيحل أكله وإن دبغ ا هـ . ( قوله : أو قطعة يسيرة من لحم آدمي في طبيخ لحم مذكى لم يحرم ) ظاهره وإن لم تستهلك وتميز لكن في شرح العباب خلافه فراجعه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن طاهر ) أي مائع محلى ومغني ( قول المتن ودبس ) هو بكسر الدال المهملة ما سال من الرطب . ا هـ ع ش عبارة القاموس الدبس بالكسر وبكسرتين عسل التمر وعسل النحل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بالمعجمة ) إلى قوله ولا يحرم في المغني إلا قوله هذا إلى ولا يكره ( قوله تناوله ) إلى المتن في النهاية إلا قوله للخبر إلى ولا يكره وقوله ولبن وقوله أو من غير مأكول وقوله وعنبر وقوله ومن ثم إلى ولو وقعت

                                                                                                                              ( قوله هذا ) أي الباقي ( قوله هو المحترز عنه ) أي بذائب . ا هـ سم ( قوله مطلقا ) أي ما لاقى النجس وغيره ( قوله ولا يكره أكل بيض إلخ ) كما لا يكره الماء إذا سخن بالنجاسة . ا هـ أسنى ( قوله ولا يحرم من الطاهر إلخ ) عبارة المغني والروض مع شرحه ويحرم تناول ما يضر البدن أو العقل كالحجر والتراب والزجاج والسم بتثليث السين والفتح أفصح كالأفيون وهو لبن الخشخاش ؛ لأن ذلك مضر وربما يقتل لكن قليله أي السم يحل تناوله للتداوي به إن غلبت السلامة واحتيج إليه ويحل أكل كل طاهر لا ضرر فيه إلا جلد ميتة دبغ إلخ ( قوله ومنه ) أي التراب ( قوله وسم ) كقوله وجلد عطف على نحو حجر ( قوله إلا لمن لا يضره ) أي القليل منه أما الكثير فيحرم . ا هـ ع ش ( قوله ونبت ولبن جوز أنه سم أو من غير مأكول ) كذا في العباب قال الشارح في شرحه كما ذكره القاضي لكن اعترضه النووي بأنه يتعين تخريجهما أي النبت واللبن المذكورين على الأشياء قبل الشرع فالصحيح لا حكم فيحلان انتهى . ا هـ سم ( قوله جوز ) لعل المراد به الظن لا ما يشمل التوهم ، وإلا ففيه حرج لا يخفى فليراجع ( قوله إنه سم أو من غير مأكول ) نشر على ترتيب اللف ( قوله مسكر ) قال في الروض ويحرم مسكر النبات ، وإن لم يطرب ولا حد فيه . ا هـ وقضيته عدم الحد وإن أطرب والظاهر أنه المعتمد خلافا لما في شرحه عنالماوردي . ا هـ سم عبارة شرح الروض والمغني ولا حد فيه إن لم يطرب بخلاف ما إذا أطرب كما صرح به الماوردي ويجوز التداوي به عند فقد غيره مما يقوم مقامه ، وإن أسكر للضرورة وما لا يسكر إلا مع غيره يحل أكله وحده لا مع [ ص: 388 ] غيره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ككثير أفيون وحشيش إلخ ) أما القليل مما ذكر الذي لا ضرر فيه بوجه يحل تناوله من غير قيد الاحتياج والتعين ؛ لأنه طاهر لا ضرر فيه نعم من علم من عادته ، أن تناوله لقليل شيء من ذلك يدعوه إلى تناول ما يضر منه حرم عليه ذلك كما ، هو ظاهر ا هـ إيعاب ( قوله وجوزة ) أي جوزة طيب ا هـ نهاية ( قوله : وجلد دبغ ) أي لميته أما جلد المذكاة فيحل أكله وإن دبغ مغني وأسنى ( قوله : كمخاط ومني ) والحيوان الحي غير السمك والجراد كما علم مما مر في باب الصيد وفي حل أكل بيض ما لا يؤكل خلاف قال في المجموع وإذا قلنا بطهارته أي وهو الراجح حل أكله بلا خلاف ؛ لأنه طاهر غير مستقذر بخلاف المني ومال البلقيني إلى المنع ا هـ مغني ( قوله : مثلا ) عبارة المغني ولو نتن اللحم أو البيض لم ينجس قال في المجموع قطعا ويحل أكل النقانق والشوي والهرائس كما قاله ابن عبد السلام وإن كان لا يخلو من الدم غالبا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فيه ) أي الفم ( قوله : ؛ لأنه غير مستقذر إلخ ) قد يقال بمنع هذا ؛ لأنه مستقذر إلا لعارض نحو محبة وهذا لا نظر إليه فهو مستقذر أصالة بالنسبة لغالب الطباع السليمة إذ استقذاره إنما ينتفي بالنسبة لنحو المحب من الإفراد فتأمل ا هـ رشيدي ( قوله بحيث تستقذر ) أي أما ما استقذرت فتحرم وإن لم يستقذره خصوص من أراد تناوله لكونه ليس من ذوي الطباع السليمة ا هـ ع ش ( قوله : أو قطعة ) إلى قوله في الثانية في المغني إلا قوله لحم مذكى .

                                                                                                                              ( قوله : لم يحرم أكل الجميع ) ظاهره وإن لم تستهلك وتميزت لكن في شرح العباب خلافه ا هـ سم عبارة المغني قال الغزالي لم يحل منه شيء لحرمة الآدمي وخالفه في المجموع وقال المختار الحل ؛ لأنه صار مستهلكا فيه ولو تحقق إصابة روث الثيران القمح عند دوسه فمعفو عنه ويسن غسل الفم عنه كما في المجموع ومرت الإشارة إلى ذلك في كتاب الطهارة ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية