الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وله ) أي : الحالف بعد اليمين ( تقديم كفارة بغير صوم على حنث جائز ) أي : غير حرام . [ ص: 15 ] ليشمل الأقسام الخمسة الباقية للخبر الصحيح { فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير } ؛ لأن سبب وجوبها اليمين والحنث جميعا ، والتقديم على أحد السببين جائز كما مر آخر الزكاة ، نعم الأولى تأخيرها عنهما خروجا من الخلاف ، ومر أن من حلف على ممتنع البر يكفر حالا بخلافه على ممكنه ، فإن وقت الكفارة فيه يدخل بالحنث ، أما الصوم فيمتنع تقديمه على الحنث ؛ لأنه عبادة بدنية ( قيل و ) على حنث ( حرام قلت هذا أصح والله أعلم ) ، فلو حلف لا يزني فكفر ثم زنى لم تلزمه كفارة أخرى ؛ لأن الحظر في الفعل ليس من حيث اليمين لحرمة المحلوف عليه قبلها وبعدها ، فالتكفير لا يتعلق به استباحة وشرط إجزاء العتق المعجل كفارة بقاء العبد حيا مسلما إلى الحنث بخلاف نظيره في تعجيل الزكاة ، لا يشترط بقاء المعجل إلى الحول ، قيل : فيحتاج للفرق ا هـ .

                                                                                                                              وقد يفرق بأن المستحقين ثم شركاء للمالك وقد قبضوا حقهم ، وبه يزول تعلقهم بالمال ناجزا ، وإن تلف قبل الحول ؛ لأنهم عنده لم يبق لهم تعلق ، وأما هنا فالواجب في الذمة وهي لا تبرأ عنه إلا بنحو قبض صحيح ، فإذا مات العتيق أو ارتد بان بالحنث الموجب للكفارة بقاء الحق في الذمة ، وأنها لم تبرأ عنه بما سبق ؛ لأن الحق لم يتصل بمستحقه وقت وجوب الكفارة ، ولو قدمها ولم يحنث استرجع كالزكاة أي : إن شرط أو علم القابض التعجيل وإلا فلا قال البغوي : ولو أعتق ثم مات [ ص: 16 ] أي : مثلا قبل حنثه وقع العتق تطوعا ؛ لتعذر الاسترجاع فيه أي : لأنه لما لم يقع هنا حنث بان أن العتق تطوع من غير سبب .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ليشمل الأقسام الخمسة ) كأنه أراد بالخمسة : الواجب والمندوب والمباح والمكروه وخلاف الأولى ، ومعنى الباقية أي : بعد الحرام ( قوله : وشرط إجزاء العتق المعجل إلخ ) هل يشترط أن يكون المدفوع إليه الطعام أو الكسوة بصفة الاستحقاق وقت الوجوب كما في نظيره من الزكاة المعجلة

                                                                                                                              ( قوله : إجزاء العتق المعجل ) أخرج الكسوة والإطعام ( قوله : بخلاف نظيره في تعجيل الزكاة ) قال في الروض وشرحه : ولو ارتد المعتق بفتح التاء عن الكفارة أو مات أو تعيب بعد اليمين قبل الحنث لم يجزه عنها كما لو عجل عن الزكاة فارتد الآخذ لها أو مات أو استغنى قبل تمام الحول ا هـ . فليتأمل ما ذكره الشارح مع ذلك لئلا يلتبس به فإن كلام الشارح في نفس المعجل وهذا الكلام في الآخذ . ( قوله : وقد يفرق إلخ ) ينبغي تأمل هذا الفرق فإن حق المستحقين إنما يثبت بعد تمام الحول وقبل تمامه لا حق ولا شركة فكيف يقال إنهم قبل تمامه قبضوا حقهم وزال تعلقهم بآخر أو أنهم عنده لم يبق لهم تعلق ( قوله : فالواجب في الذمة إلخ ) هذا يقتضي التسوية بين العتق والإطعام والكسوة مع أن تقييده بالعتق يخرج غيره فليتأمل ، وقوله : إلا بنحو : قبض صحيح ، قد يقال : القبض صحيح وإلا لم يجز ، وإن بقي المقبوض بحاله ؛ لأن ما لم يصح لا ينقلب صحيحا . ( قوله : استرجع كالزكاة إلخ ) قال شيخنا الشهاب البرلسي انظر هل يأتي ذلك في العتق عن كفارة اليمين ا هـ . قلت : فإن أتى فيه أشكل بما يأتي عن البغوي واحتيج للفرق بينهما ويمكن قضية قول الشارح أي مثلا وتوجيه كلامه الآتيان عدم الإتيان وأن انتفاء الحنث مع الحياة كالموت فيما ذكره البغوي



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : بعد اليمين ) فلا يجوز التقديم عليها ؛ لأنه تقديم على السببين ومنه ما لو قال : إن دخلت الدار فوالله لا أكلمك فلا يجوز التكفير قبل دخولها ؛ لأن اليمين لم تنعقد به بعد صرح به البغوي وغيره شرح الروض ا هـ سم . ( قول المتن بغير صوم ) من عتق أو إطعام أو كسوة ا هـ مغني . ( قول المتن على حنث ) احترز به عن تقديمها على اليمين فإنه يمتنع بلا خلاف ، وكذا مقارنتها لليمين كما لو وكل من يعتق عنها مع شروعه في اليمين مغني وأسنى . ( قوله : أي غير حرام إلخ ) ، عبارة المغني : واجب أو [ ص: 15 ] مندوب أو مباح ا هـ . ( قوله : الأقسام الخمسة ) وهي الواجب والمندوب والمباح والمكروه وخلاف الأولى ع ش وسم ( قوله : على أحد السببين ) هما هنا الحلف والحنث ا هـ ع ش . ( قوله : من الخلاف ) أي : خلاف أبي حنيفة ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله : ومر ) أي : في أول الباب ( قوله : لأنه عبادة بدنية ) فلم يجز تقديمها على وقت وجوبها بغير حاجة كصوم رمضان واحترز بغير حاجة عن الجمع بين الصلاتين ا هـ مغني . ( قوله : وعلى حنث حرام ) أي : وله تقديمها على حنث حرام كالحنث بترك واجب أو فعل حرام ا هـ مغني . ( قوله : وشرط ) إلى قول أي : لأنه في المغني إلا قوله : بخلاف إلى فإذا مات ، وقوله : وأنها إلى ولو قدمها ، وقوله : أي إن شرط إلى قال ، وقوله : مثلا . ( قوله : وشرط إجزاء العتق إلخ ) وهل يشترط أن يكون المدفوع إليه الطعام أو الكسوة بصفة الاستحقاق وقت الوجوب كما في نظيره من الزكاة ا هـ . سم أقول الظاهر نعم كما هو قضية الفرق الآتي بالأولى . ( قوله حيا مسلما ) قضيته أنه لا يشترط سلامته إلى الحنث حتى لو عمي بعد الإعتاق وقبل الحنث لم يضر وليس مرادا فيما يظهر ؛ لأنه وقت الحنث ليس مجزئا في الكفارة ا هـ . ع ش أقول ويصرح بالاشتراط قول الروض مع شرحه ولو ارتد المعتق بفتح التاء عن الكفارة أو مات أو تعيب بعد اليمين قبل الحنث لم يجزه عنها ا هـ . ( قوله : ويفرق إلخ ) نظر فيه سم راجعه ( قوله : ناجزا ) أي : زوالا ناجزا . ( قوله فالواجب في الذمة إلخ ) هذا يقتضي التسوية بين العتق والإطعام والكسوة مع أن تقييده بالعتق يخرج غيره فليتأمل ا هـ . سم ولك أن تقول : إن التقييد بالعتق إنما هو لعدم تصور بقاء الحياة والإسلام في الكسوة والإطعام ( قوله : فإذا مات العتيق إلخ ) أي : أو تعيب ا هـ أسنى . ( قوله : أو ارتد ) ظاهره وإن أسلم قبل الحنث وليس مرادا فيما يظهر لأنه بعوده بالإسلام تبين أنه مما يجزئ في الكفارة ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : ولو قدمها ) أي : الكفارة وكانت غير عتق لما يأتي من أن العتق يقع تطوعا ا هـ . ع ش عبارة سم قال شيخنا البرلسي انظر هل يأتي ذلك في العتق عن الكفارة انتهى . قلت قضية قول الشارح أي : مثلا وتوجيه كلام البغوي الآتيين عدم الإتيان وأن انتفاء الحنث مع الحياة كالموت فيما ذكره البغوي ا هـ . ( قوله : قال البغوي إلخ ) ( فروع )

                                                                                                                              لو قال : أعتقت عبدي عن كفارتي إن حنثت فحنث أجزأه ذلك عن الكفارة ، وإن قال : أعتقته عنها إن حلفت لم يجزه ولو قال : إن حنثت غدا فعبدي [ ص: 16 ] حر عن كفارتي فإن حنث غدا عتق وأجزأ عنها وإلا فلا ولو قال : أعتقته عن كفارتي إن حنثت فبان حانثا عتق وأجزأه عنها وإلا فلا ، نعم إن حنث بعد ذلك أجزأه عنها ولو قال : إن حلفت وحنثت فبان حالفا لم يجزه قاله البغوي : للشك في الحلف مغني وروض مع شرحه . ( قوله : أي مثلا ) أي أو بر في يمينه بفعل المحلوف عليه أو عدمه ا هـ . ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية