الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا يكفر ) محجور عليه بسفه أو فلس بالمال بل بالصوم ؛ لأنه ممنوع من التبرع ولو زال حجره قبل الصوم امتنع ؛ لأن العبرة بوقت الأداء لا الوجوب ولا يكفر عن ميت بأزيد الخصال قيمة ، بل يتعين أقلها أو إحداها إن استوت قيمها ولا ( عبد بمال ) لعدم ملكه ( إلا إذا ملكه سيده ) أو غيره ( طعاما أو كسوة ) ليكفر بهما أو مطلقا .

                                                                                                                              ( وقلنا ) بالضعيف ( إنه يملك ) ، ثم أذن له في التكفير فإنه يكفر ، نعم لسيده بعد موته أن يكفر عنه على المعتمد بغير العتق من إطعام أو كسوة ؛ لأنه حينئذ لا يستدعي دخوله في ملكه بخلافه في الحياة ، ولزوال الرق بالموت ولسيد المكاتب أن يكفر عنه بذلك بإذنه ، وللمكاتب بإذن سيده التكفير بذلك أيضا ، وفارق العتق بأن القن ليس من أهل الولاء ( بل يكفر ) حتى في المرتبة كالظهار ( بصوم ) لعجزه عن غيره ، ( فإن ضره ) الصوم في الخدمة ( وكان حلف وحنث بإذن سيده صام بلا إذن ) .

                                                                                                                              وليس له منعه لإذنه في سببه ، فلا نظر لكونها على التراخي ( أو وجدا ) أي الحلف والحنث ( بلا إذن لم يصم إلا بإذن ) ؛ لأنه لم يأذن في سببه والفرض أنه يضره فإن شرع فيه جاز له تحليله . [ ص: 19 ]

                                                                                                                              أما إذا لم يضره ولا أضعفه ، فلا يجوز له منعه منه مطلقا .

                                                                                                                              ( وإن أذن في أحدهما ، فالأصح اعتبار الحلف ) ؛ لأن إذنه فيه إذن فيما يترتب عليه ، والأصح في الروضة وغيرها اعتبار الحنث ، بل قيل : الأول سبق قلم ؛ لأن اليمين مانعة منه فليس إذنه فيها إذنا في التزام الكفارة ، وبه فارق ما مر أن الإذن في الضمان دون الأداء يقتضي الرجوع بخلاف عكسه ، وخرج بالعبد الأمة التي تحل له فلا يجوز لها بغير إذنه صوم مطلقا تقديما لاستمتاعه ؛ لأنه ناجز ، أما أمة لا تحل له فكالعبد فيما مر ، وبحث الأذرعي أن الحنث الواجب كالحنث المأذون فيه فيما ذكر لوجوب التكفير فيه على الفور ، والذي يتجه ما أطلقوه ؛ لأن السيد لم يبطل حقه بإذنه وتعدي العبد لا يبطله ، نعم لو قيل : إن إذنه في الحلف المحرم كإذنه في الحنث لم يبعد ؛ لأنه حينئذ التزام للكفارة لوجوب الحنث المستلزم لها فورا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وقلنا بالضعيف ) ظاهره الرجوع أيضا لقوله أو غيره أي السيد ، وقضيته إن قيل بأنه يملك بتمليكه غير سيد أيضا ، وهو كذلك لكنه خلاف ضعيف ؛ ولذا ادعي القطع بالنفي والحاصل أن في تمليكه بتمليك غير سيده طريقتين ففيه خلاف في الجملة فصح قوله وقلنا بالضعيف بالنسبة لقوله أو غيره أيضا . ( قوله : نعم لسيده بعد موته أن يكفر عنه إلخ ) انظر غير سيده كقريبه . ( قوله : بغير العتق ) هلا جاز به أيضا لزوال الرق بالموت . ( قوله : من إطعام أو كسوة ) خرج الصوم وفي الروض ، وقد سبق أي : في كتاب الصوم ذكر الصوم عن الميت قال في شرحه : فيصوم عنه قريبه لا غيره ، والإشارة إلى هذا في العبد من زيادته ا هـ . ( قوله : وللمكاتب إلخ ) ظاهر التعبير بله أنه لا يجب . [ ص: 19 ] قوله : فلا يجوز لها بغير إذنه صوم مطلقا ) ظاهره ، وإن حلفت وحنثت بإذنه . ( قوله كالحنث المأذون فيه إلخ ) أما الحنث اللازم لليمين فلا ينبغي التوقف في أن الإذن في الحلف إذن فيه . ( قوله : لأن السيد إلخ ) هذا ظاهر إن كان مراد الأذرعي أن السيد لم يأذن في الحلف ، فإن كان مراده أنه أذن في حلف يجب الحنث فيه لم يتأت هذا التوجيه فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : محجور عليه ) إلى قوله : وبحث الأذرعي في المغني إلا قوله : فإن شرع إلى أما إذا وقوله وبه فارق إلى وخرج ( قوله : امتنع ) أي : مع اليسار ا هـ مغني . ( قوله : ولا يكفر عن ميت بأزيد إلخ ) وظاهر أن الكلام فيما إذا كان في الورثة محجور عليه أو ثم دين وإلا فلا يمتنع على الوارث الرشيد أن يكفر بالأعلى ا هـ ع ش . ( قول المتن طعاما أو كسوة ) خرج به ما إذا ملكه رقيقا ليعتقه عن كفارته ففعل فإنه لا يقع عنها لامتناع الولاء للعبد ، وحكم المدبر والمعلق عتقه بصفة وأم الولد حكم العبد ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله : أو مطلقا ) أو ملكه مطلقا ا هـ . مغني ( قوله : وقلنا بالضعيف ) راجع لقوله أو غيره أي : السيد أيضا إذ قيل بأنه يملك بتمليك غير سيده أيضا سم ومغني ( قوله : نعم لسيده إلخ ) انظر غير سيده كقريبه ا هـ . سم ويظهر الجواز أخذا من التعليل الثاني الآتي . ( قوله : بغير العتق ) هلا جاز به أيضا لزوال الرق بالموت ا هـسم . ( قوله : من إطعام أو كسوة ) خرج الصوم وفي الروض ، وقد سبق أي : في كتاب الصوم ذكر الصوم عن الميت قال في شرحه : فيصوم عن قريبه لا غيره والإشارة إلى هذا في العد من زيادته انتهى ا هـ سم . ( قوله : بذلك ) أي : بالإطعام أو الكسوة .

                                                                                                                              ( قوله : وللمكاتب إلخ ) ظاهر التعبير بله أنه لا يجب ا هـ سم . ( قوله بذلك أيضا ) ولو أذن السيد للمكاتب في التكفير بالإعتاق فأعتق لم يجزه على المذهب كما قالاه في باب الكتابة ا هـ مغني . ( قوله : وفارق العتق إلخ ) راجع لكل من مسألة المتن ومسائل الشرح . ( قول المتن بإذن سيده ) أي : في كل منهما ( قوله : فلا نظر إلخ ) عبارة المغني ، وإن كان الكفارة على التراخي ا هـ . ( قول المتن لم يصم إلا بإذن ) أي : منه قطعا ، سواء كان الحلف واجبا أم جائزا أم ممنوعا فإن صام بلا إذن أجزأه كما لو صلى الجمعة بلا إذن فإنها تجزئه أو حج فإنه ينعقدا هـ . مغني ( قوله : جاز له تحليله ) أي : ولو أخبره معصوم بموته بعد مدة قريبة ؛ لأن حق السيد فوري ولا إثم على الرقيق في عدم الصوم لعجزه عنه ا هـ ع ش . [ ص: 19 ] قوله : مطلقا ) أي : سواء وجد الحلف والحنث بإذن أو بدونه وقول ع ش أي : سواء احتاجه للخدمة أم لا ا هـ . ليس بظاهر ( قول المتن فالأصح اعتبار الحلف ) ضعيف وقول الشارح والأصح في الروضة إلخ معتمد ا هـ ع ش . ( قوله : الأول ) أي : ما في المحرر والمنهاج سبق قلم أي : من الحنث إلى الحلف ا هـ مغني . ( قوله : مانعة منه ) أي من الحنث .

                                                                                                                              ( قوله : الأمة التي تحل إلخ ) ظاهره ، وإن لم تكن معدة للتمتع بل للخدمة ، وإن بعد في العادة تمتعه بها ا هـ ع ش . ( قوله : فلا يجوز لها بغير إذنه صوم إلخ ) ظاهره ، وإن حلفت وحنثت بإذنه ا هـ . سم عبارة ع ش أي : سواء أضرها الصوم أم لا ولم يتعرض هنا للزوجة الحرة هل للزوج منعها وعبارته في باب النفقات : وكذا يمنعها من صوم الكفارة إن لم تعص بسببه أي : كأن حلفت على أمر ماض أنه لم يكن كاذبة ا هـ . ( قوله : مطلقا ) أي : وإن لم تضرر به ا هـ . مغني أي : وإن أذن في سببه . ( قوله : لاستمتاعه ) أي : لحق استمتاعه ا هـ ع ش . ( قوله : كالحنث المأذون فيه إلخ ) أما الحنث اللازم لليمين فلا ينبغي التوقف في أن الإذن في الحلف إذن فيه ا هـ . سم أي : كما يأتي في قول الشارح : نعم لو قيل إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : فيما ذكر ) أي : من جواز التكفير بلا إذن من السيد في الحنث ، وإن لم يأذن له في الحلف ا هـ ع ش . ( قوله : لأن السيد إلخ ) هذا ظاهر إن كان مراد الأذرعي أن السيد لم يأذن في الحلف فإن كان مراده أنه أذن في حلف يجب الحنث فيه لم يتأت هذا التوجيه فليتأمل ا هـ سم . ( قوله : حقه ) مفعول لم يبطل ( قوله : في الحلف المحرر ) كالحلف على ترك صلاة الظهر أو على شرب الخمر . ( قوله : لوجوب الحنث إلخ ) قال : بعضهم ولو انتقل من ملك زيد إلى عمرو كان حلف وحنث في ملك زيد فهل لعمرو المنع من الصوم ولو كان زيد أذن فيهما أو في أحدهما ولو كان السيد غائبا فهل على العبد أن يمتنع من صوم لو كان السيد حاضرا لكان له منعه منه أو لا الظاهر هنا أي : في مسألة الغيبة نعم ولو آجر السيد عين عبده وكان الضرر يخل بالمنفعة المستأجر لها فقط فهل له الصوم بإذن المستأجر دون إذن السيد فيه نظر والأقرب أنه ليس لسيده منعه هنا أي : بل يكون الحق للمستأجر ولم يفرقوا في المسألة بين كون الحنث واجبا أو غيره ولا بين أن تكون الكفارة على الفور أو التراخي انتهى . والراجح في المسألة الأولى أي : مسألة الانتقال بعد الحلف والحنث وفيما لو حلف في ملك شخص وحنث في ملك آخران الأول إن أذن له فيهما أو في الحنث لم يكن للثاني منعه من الصوم ، وإن ضره وإلا فله منعه إن ضره ا هـ نهاية

                                                                                                                              .



                                                                                                                              الخدمات العلمية