الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا يجب وضع يديه ) أي بطنهما ( وركبتيه ) بضم أوله ( وقدميه ) أي أطراف بطون أصابعهما في سجوده ( في الأظهر ) لأن الجبهة هي المقصودة بالوضع كما مر ولأنه لو وجب وضع غيرها لوجب الإيماء به عند العجز ( قلت الأظهر وجوبه ) على مصلاه أي حال كونها مطمئنة في آن واحد مع الجبهة فيما يظهر ( والله أعلم ) . للخبر المتفق عليه { أمرت أن أسجد على سبعة أعظم وذكر الجبهة } [ ص: 72 ] وهذه الستة ، نعم لا يجب وضع كلها بل يكفي جزء من كل بطني كفيه أو أصابعهما ومن ركبتيه ومن بطني أصابع رجليه كالجبهة دون ما عدا ذلك كالحرف وأطراف الأصابع وظهرها ويسن كشفها إلا الركبتين فيكره ولا يجب التحامل عليها بل يسن كما تصرح به عبارة التحقيق والمجموع والروضة بخلاف الجبهة لأنها المقصود الأعظم كما يجب كشفها والإيماء بها أو تقريبها من الأرض عند تعذر وضعها دون البقية ولا يجب وضع الأنف بل يسن لقوة الخلاف فيه ومن ثم اختير وجوبه لتصريح الحديث به

                                                                                                                              ( تنبيه ) لم أر لأحد من أئمتنا تحديد الركبة وعرفها في القاموس بأنها موصل ما بين أسافل أطراف الفخذ وأعالي الساق ا هـ وصريح ما يأتي في الثامن وما بعده أنها من أول المنحدر عن آخر الفخذ إلى أول أعلى الساق وعليه فكأنهم اعتمدوا في ذلك العرف لبعد تقييد الأحكام بحدها اللغوي لقلته جدا إلا أن يقال أرادوا بالموصل ما قررناه وهو قريب ثم رأيت الصحاح قال والركبة معروفة فبين أن المدار فيها على العرف والكلام في الشرع وهو يدل على أن القاموس إن لم تحمل عبارته على ما ذكرناه اعتمد في حده لها بذلك عليه وكثيرا ما يقع له الخروج عن اللغة إلى غيرها كما يأتي أول التعزير .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله أي بطنهما ) ضابطه ما ينقض مسه ولكن الظاهر أنه لا يجزئ بطن الإصبع الزائد وإن نقض مسه لكونها على سمت الأصلية

                                                                                                                              ( فرع ) لو خلق له رأسان وأربع أيد وأربع أرجل وأربع ركب مثلا فينبغي أن يقال إن علمت أصالة الجميع كفى السجود على سبعة أعظم بأن يسجد على بعض واحد من كل نوع بأن يسجد على بعض جبهة أحد الرأسين وعلى بعض كل من يد من تلك الأيدي وبعض كل من ركبتين من تلك الركب وإن علم زيادة البعض وتميز فالعبرة بالأصلي دون الزائد وإن اشتبه الزائد بالأصلي وجب السجود على الجميع بأن يسجد على بعض كل من الجميع إذ لا يتحقق الخروج عن العهدة إلا بذلك م ر وظاهر هذا الكلام فيما إذا علمت أصالة الجميع الاكتفاء بوضع يدين من أربع مثلا وإن [ ص: 72 ] كانت تلك اليدان من جهة واحدة والظاهر خلافه ( قوله أي أطراف إلخ ) التقييد بأطراف لم يذكره في الروض وشرحه ( قوله قلت الأظهر وجوبه ) قال في العباب كغيره وإن تعذر وضعها أي الأعضاء المذكورة لم يلزمه الإيماء بها قال في شرحه فعلم أنه لو قطعت يده من الزند لم يجب وضعه لفوات محل الفرض ا هـ . وهل يسن فيه نظر ولا يبعد أن يسن وقياس ذلك أنه لو قطعت أصابع قدميه لم يجب وضع ( قوله ومن بطني أصابع رجليه ) شامل لغير أطراف البطنين منهما كوسطهما بخلاف قوله السابق أي أطراف بطون أصابعهما ( قوله ويسن كشفها إلا الركبتين ) قال في شرح العباب وينبغي كراهة الستر في الكفين للخلاف في امتناعه ثم رأيت الشافعي رضي الله تعالى عنه نص على ذلك فإنه كره الصلاة وبإبهامه الجلدة التي يجر بها وتر القوس قال لأني آمره أن يفضي ببطون أصابعه إلى الأرض بل قضيته كراهة الصلاة وبيده خاتم أو نحوه ا هـ . وقد يستثنى الخاتم نظرا لسنية لبسه وانظر الستر في القدمين ( قوله لتصريح الحديث به ) [ ص: 73 ] إن رجع الضمير للوجوب منع التصريح .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولا يجب وضع يديه إلخ ) ويتصور أي على هذا القول مع جميعها كأن يصلي على حجرين بينهما حائط قصير ينبطح عليه عند سجوده ويرفعها نهاية ومغني ( قوله أي بطنهما ) ضابطه ما ينقض مسه ولكن الظاهر أنه لا يجزئ بطن الإصبع الزائد وإن نقض مسه لكونها على سمت الأصلية سم ونهاية ( قوله أي أطراف إلخ ) التقييد بأطراف لم يذكره في الروض وشرحه سم أقول وكذا لم يذكره النهاية والمغني لكنه مذكور في الخبر الآتي ( قوله في سجوده ) متعلق بالوضع في المتن ( قوله لأن الجبهة ) إلى قوله بل يسن في النهاية ، وكذا في المغني إلا قوله في آن إلى المتن ( قوله لوجب الإيماء به إلخ ) أي والإيماء بها غير واجب فلم يجب وضعها نهاية ومغني قول المتن ( الأظهر وجوبه ) أي إن أمكن فلو تعذر وضع شيء من هذه الأعضاء سقط الفرض بالنسبة إليه فلو قطعت يده من الزند لم يجب وضعه ولا وضع رجل قطعت أصابعها لفوات محل الفرض نهاية ومغني وقولهما لم يجب وضعه إلخ قال سم و ع ش وهل يسن فيه نظر ولا يبعد أن يسن ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله على مصلاه ) متعلق بضمير وجوبه الراجع للوضع ( قوله في آن واحد ) أي بأن يصير المجموع موضوعا في زمن واحد مع الطمأنينة حينئذ وإن تقدم وضع بعضها على بعض ع ش وبجيرمي ( قوله للخبر المتفق عليه إلخ ) في الاستدلال بهذا الحديث نظر لأنه ليس نصا في الوجوب وغاية ما يجاب به أن الدليل على الوجوب أمر آخر في الوجوب كما في شرح منهاج البيضاوي وتبعه المحشي في الآيات بصري ( قوله للخبر المتفق عليه إلخ ) .

                                                                                                                              ( فرع ) لو خلق له رأسان وأربع أيد وأربع أرجل مثلا فإن عرف الزائد فلا اعتبار به وإن سامت وإنما الاعتبار بالأصلي وإن كانت كلها أصلية اكتفى في الخروج عن عهدة الواجب بوضع بعض إحدى الجبهتين ويدين وركبتين وأصابع رجلين والمراد أنه يضع يدا من جهة اليمين ويدا من جهة اليسار وركبة من هذه وقدما [ ص: 72 ] من هذه وقدما من هذه فلا يكفي وضعهما من جهة واحدة فإن اشتبه الأصلي بالزائد وجب وضع جزء من كل منهما ولا يكتفي بوضع جزء من بعضها شيخنا و سم و ع ش ( قوله وهذه الستة ) أي اليدين والركبتين وأطراف القدمين شيخ الإسلام ونهاية ومغني ( قوله من بطني كفيه إلخ ) ولو خلق كفه مقلوبا وجب وضع ظهر كفه لأنه في حقه بمنزلة البطن بخلاف ما لو عرض الانقلاب .

                                                                                                                              فالأقرب أنه إن أمكنه وضع البطن ولو بمعين وجب وإلا فلا ولو خلق بلا كف فقياس النظائر أنه يقدر له مقدارها ع ش وشيخنا ( قوله ومن ركبتيه ) فلو منع من السجود عليهما مانع كأن جمعت ثيابه تحت ركبتيه فمنعت من وصول الركبة لمحل السجود وصار الاعتماد على أعلى الساق لم يكف ع ش ( قوله ومن بطني أصابع رجليه ) شامل لغير أطراف البطنين منهما كوسطهما بخلاف قوله السابق أي أطراف بطون أصابعهما سم وتقدم أن ما سبق هو الموافق للحديث ( قوله دون ما عدا ذلك ) .

                                                                                                                              ( فرع ) لو حصل مصل أصل السجود ثم طوله تطويلا كثيرا مع رفع بعض أعضاء السجود كيد أو رجل أفتى الشهاب الرملي بأنه إن طوله عامدا عالما بتحريمه بطلت صلاته وإلا فلا تبطل وفيه وقفة والأقرب عدم البطلان لأن هذا استصحاب لما طلب فعله ع ش ( قوله وأطراف الأصابع إلخ ) أي لليدين ( قوله ويسن كشفها إلخ ) قال في شرح العباب وينبغي كراهة الستر في الكفين للخلاف في امتناعه ثم رأيت الشافعي رضي الله تعالى عنه نص على ذلك فإنه كره الصلاة وبإبهامه الجلدة التي يجر بها وتر القوس بل قضيته كراهة الصلاة وبيده خاتم أو نحوه انتهى وقد يستثنى الخاتم نظرا لسنية لبسه وانظر الستر في القدمين سم .

                                                                                                                              ( قوله فيكره ) أي لأنه يفضي إلى كشف العورة مغني عبارة شيخنا ويسن كشف اليدين والرجلين ويكره كشف الركبتين ما عدا ما يجب ستره منهما مع العورة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولا يجب التحامل عليها ) خلافا للشيخ في شرح منهجه نهاية ومغني ( قوله كما تصرح به ) أي بالسن ( قوله ولا يجب وضع الأنف إلخ ) وفاقا لشيخ الإسلام والنهاية والمغني ( قوله لتصريح الحديث به ) إن رجع الضمير للوجوب منع التصريح سم أي وكان الأولى تقديمه على ومن ثم إلخ ( قوله تنبيه ) إلى المتن أقره ع ش ( قوله وعليه ) أي على ما يأتي ( قوله فكأنهم ) أي الفقهاء ( قوله في ذلك ) أي في تحديد الركبة ( قوله لقلته ) أي الحد اللغوي أي ما صدقه و ( قوله أرادوا ) أي اللغويون ( وقوله ما قررناه ) أي من أنها من أول المنحدر إلخ ( وقوله هنا ) أي في تفسير الركبة ( قوله والكلام في التشريح ) أي البحث عن حقيقة الركبة في علم التشريح ومن مسائله .

                                                                                                                              ( وقوله وهو ) أي كلام الصحاح و ( قوله على ما ذكرناه ) أي من أنها من أول المنحدر إلخ ( وقوله عليه ) أي على علم التشريح ( وقوله يقع له ) أي للقاموس




                                                                                                                              الخدمات العلمية