الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) يجب ( أن لا يهوي لغيره ) نظير ما مر في الركوع ( فلو سقط ) من الاعتدال ( لوجهه ) أي عليه قهرا لم يحسب له لأنه لا بد من نية أو فعل أي اختياري ولم يوجد واحد منهما ( وجب العود إلى الاعتدال ) مع الطمأنينة إن سقط قبلها ليهوي منه فإن قلت ما وجه هذا التفريع مع أن ما قبله يفهم عدم وجوب العود لأنه مع السقوط قهرا يصدق عليه أنه لم يهو لغيره قلت يوجه بأن الهوي للغير المفهوم من المتن أنه لا يعتد به صادق بمسألة السقوط لأنه يصدق عليها أنه وقع هويه للغير وهو الإلجاء وخرج بسقوطه من الاعتدال ما لو سقط من الهوي بأن هوى ليسجد فسقط فإنه لا يضر لأنه لم يصرفه عن مقصوده نعم إن سقط على جبهته بقصد الاعتماد عليها أو لجنبه فانقلب بنية الاستقامة فقط ولم يقصد صرفه عن السجود وإلا بطلت لم يجزئه السجود فيهما للصارف فيعيده لكن بعد أدنى رفع في الأولى كما هو ظاهر .

                                                                                                                              [ ص: 74 ] والجلوس في الثانية ولا يقم وإلا بطلت إن علم وتعمد أما إذا انقلب بنية السجود أولا لا بنية شيء أو بنيته ونية الاستقامة فيجزئه ( وأن ترتفع أسافله ) أي عجيزته وما حولها ( على أعاليه ) إن ارتفع موضع الجبهة وإلا فهي مرتفعة ، كذا قيل وفيه نظر لأنه قد يستوي ولا ترتفع لانخناس أو نحوه ( في الأصح ) للاتباع وسنده صحيح ، نعم من به علة لا يمكنه معها ارتفاع أسافله يسجد إمكانه إلا أن يمكنه وضع نحو وسادة [ ص: 75 ] ويحصل التنكيس فيجب ولا ينافي هذا قولهم لو عجز إلا أن يسجد بمقدم رأسه أو صدغه وكان به أقرب به للأرض وجب لأنه ميسوره ا هـ لأنه هنا قدر على زيادة القرب وثم المقدور عليه وضع الوسادة لا القرب فلم يلزمه إلا مع حصول التنكيس لوجود حقيقة السجود حينئذ ، نعم قد يؤخذ من قولهم المذكور أنه لو لم يمكنه زيادة الانحناء إلا بوضع الوسادة لزمه وضعها وهو محتمل

                                                                                                                              ( تنبيه ) اليدان من الأعالي كما علم من حد الأسافل وحينئذ فيجب رفعها على اليدين أيضا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وأن لا يهوي لغيره ) أي وحده ( قوله لأنه لا بد من نية أو فعل إلخ ) يؤخذ منه ما نقله شيخنا الشهاب عن شرح البدر بن شبهة ثم نظر فيه من أنه لو قصد الهوي ثم عرض له السقوط قبل فعل الهوي كان كما لو هوى ليسجد فسقط من الهوي على جبهته ففيه تفصيله ا هـ . ( قوله بقصد الاعتماد عليها ) أي فقط كما هو ظاهر فخرج ما لو لم يقصد شيئا أو قصدهما أو السجود فقط ( قوله أو لجنبه ) لعله مثال فالسقوط على الظهر والقفا كذلك فيجري فيه التفصيل المذكور ويغتفر عدم الاستقبال قبل الاستقامة للضرورة مع قصر الزمن كما هو مغتفر في السقوط على الجنب لاستلزامه عدم الاستقبال ( قوله وإلا بطلت ) لا يقال قصد صرفه هو قصد قطعه وتقدم أن نية قطع الركن لا تضر لأنا نقول صورة ما هنا أنه صرف الفعل من أوله بخلاف ما تقدم لم يصرفه من أوله بل قصد حال تلبسه به قطعه فتأمله فإنه واضح ( قوله للصارف ) قد يقال هذا يقتضي أنه صرفه عن السجود فبم يفارق هذا قوله السابق ولم يقصد صرفه عن السجود وإلا بطلت إلا أن يجاب بأن في قصد صرفه عن السجود تلاعبا بخلاف مجرد قصد الاستقامة مثلا لا تلاعب فيه مع عذره واحتياجه إليه فلم تبطل الصلاة .

                                                                                                                              والحاصل الفرق بين حصول الصرف بلا قصده وبين قصده مع الإتيان به ( قوله رفع في الأولى ) أي لوجود الهوي المجزئ فيها إلى وضع الجبهة [ ص: 74 ] ولم يختل إلا مجرد وضعها بقصد الاعتماد فألغي دون الهوي إليه ( قوله والجلوس ) أي لأنه لسقوطه على جنبه فات الهوي المعتبر لعدم الاستقامة فيه وعبارة الروض بل يجلس ثم يسجد ا هـ . وإنما وجب الجلوس لاختلال الهوي قبل السجود ( قوله وإن ترتفع أسافله إلخ ) فلو انعكس أو تساويا لم يجزئه ، نعم لو كان في سفينة ولم يتمكن من ارتفاع ذلك لميلها صلى على حسب حاله ووجبت عليه الإعادة لندرته م ر ( قوله على أعاليه ) قال في شرح العباب وشرح الإرشاد وهي رأسه ومنكباه ا هـ . وقضيته إخراج الكفين ويظهر أن إخراجهما غير مراد وأن السكوت عنهما للزوم الارتفاع عليهما بحسب العادة وإن أمكن خلافه بأن يرفعهما على أسافله أو يساويهما ويضعهما على دكة مرتفعة أمامه ثم رأيت التنبيه الآتي ( قوله لا يمكنه معها ) قد يقال العلة المانعة من الارتفاع لا يزول منعها منه بوضع الوسادة ( قوله نحو وسادة ) أي ليسجد عليها كما وقع التصوير بذلك في عبارتهم كقول الروض فلو أمكن العاجز السجود على وسادة بلا تنكيس لم يلزمه أو بتنكيس لزمه ا هـ . ويبقى ما لو كان لو وضع الوسادة تحت أسافله ارتفعت على أعاليه ولو لم يضعها لم ترتفع [ ص: 75 ] فهل يجب الوضع ؟ فيه نظر ويحتمل أن هذا ظاهر مما ذكر ( قوله فيجب ) انظر صورة حصول التنكيس بوضع الوسادة إن أريد السجود عليها ( قوله تنبيه اليدان ) لعل المراد بهما الكفان



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( لغيره ) أي وحده سم ( قوله نظير ما مر إلخ ) عبارة النهاية بأن يهوي بقصده أو لا بقصد شيء ا هـ . قال ع ش أي أو بقصدهما ثم رأيت في نسخة بعد قوله م ر بقصده ولو مع غيره ا هـ . ( قوله لأنه لا بد من نية إلخ ) يؤخذ منه ما نقله شيخنا الشهاب البرلسي عن شرح البدر بن شهبة ثم نظر فيه من أنه لو قصد الهوي ثم عرض له السقوط قبل فعل الهوي على جبهته ففيه تفصيل انتهى سم واعتمد الكردي ما قاله البدر بلا عزو وقال ع ش وظاهر كلام الشارح م ر يعني قوله وخرج بسقوطه من الاعتدال إلخ موافق للنظر ثم وجهه راجعه ( قوله قلت يوجه إلخ ) أقره ع ش ( قوله أنه وقع هويه للغير إلخ ) تقدم له في الركوع في شرح فلو رفع فزعا إلخ ما يرد هذا فراجعه بصري ( قوله وخرج ) إلى المتن في النهاية والمغني إلا قوله بأن هوى ليسجد وقوله أدنى رفع إلى الجلوس ( قوله بأن هوى ليسجد ) قد يوهم أن المسألة مصورة بما إذا قصد بهويه السجود وكلام الروض وغيره مطلق فيصدق بصورة الإطلاق فليحرر بصري وقوله وغيره منه النهاية والمغني كما مر ( قوله فإنه لا يضر ) بل يحسب له ذلك سجودا نهاية ومغني ( قوله بقصد الاعتماد عليها ) أي فقط كما هو ظاهر فخرج ما لو لم يقصد شيئا أو قصدهما أو السجود فقط سم وبصري .

                                                                                                                              ( قوله أو لجنبه ) لعله مثال فالسقوط على الظهر والقفا كذلك فيجري فيه التفصيل المذكور ويغتفر عدم الاستقبال للضرورة مع قصر الزمن كما هو مغتفر في السقوط على الجنب لاستلزامه عدم الاستقبال سم على حج ا هـ ع ش ( قوله ولم يقصد صرفه عن السجود إلخ ) الظاهر أنه قيد في مسألتي الجبهة والجنب وإن كان الموجود في كلام غيره تصويره في الثانية فقط إذ لا فارق بينهما بصري وقوله في كلام غيره منه المغني والنهاية وقال ع ش قوله م ر صرفه أي الانقلاب ا هـ . ( قوله وإلا بطلت ) أي وإن قصد صرفه عن السجود بصري ( قوله فيهما ) أي في صورتي السقوط على الجبهة والسقوط للجنب ( قوله لكن بعد أدنى إلخ ) اعتمده ع ش والرشيدي ( قوله في الأولى ) أي لوجود الهوي المجزئ فيها إلى وضع الجبهة ولم يختل إلا مجرد وضعها بقصد الاعتماد فألغي دون [ ص: 74 ] الهوي إليه سم .

                                                                                                                              ويؤخذ منه ما قاله القليوبي أنه لو نوى الاعتماد في أثناء الهوي يجب العود إلى المحل الذي نوى الاعتماد فيه ا هـ . ( قوله والجلوس في الثانية ) أي لأنه لسقوطه على جنبه فات الهوي المعتبر لعدم الاستقامة فيه وعبارة الروض بل يجلس ثم يسجد ا هـ . وإنما وجب الجلوس لاختلال الهوي قبل السجود سم ( قوله فيجزئه ) أي السجود من غير جلوس كما هو صريح صنيع المغني وشرح بافضل خلافا لما نقله عن باقشير مما نصه قوله فيجزئه أي بعد جلوسه كما مر ا هـ . بل قضية ما مر آنفا أنه لو جلس عامدا عالما بطلت صلاته قول المتن ( وأن ترتفع أسافله إلخ ) فلو صلى في سفينة مثلا ولم يتمكن من ارتفاع ذلك لميلانها أي مثلا صلى على حسب حاله ولزمه الإعادة لأن هذا عذر نادر مغني ونهاية وشيخنا قال ع ش قوله م ر صلى على حسب حاله ينبغي تقييده بما إذا ضاق الوقت أو لم يضق ولكن لم يرج التمكن من السجود على الوجه المجزئ قبل خروج الوقت كما لو فقد الماء والتراب ا هـ . ( قوله أي عجيزته وما حولها ) كذا في النهاية والمغني وقال ع ش قوله م ر أي عجيزته إلخ فيه تغليب ففي المختار العجز بضم الجيم مؤخر الشيء يذكر ويؤنث فيقال عجز كبير وكبيرة وهو للرجل والمرأة جميعا والعجيزة للمرأة خاصة ا هـ . ثم لا بد أن يكون الارتفاع المذكور يقينا فلو شك في ارتفاعها وعدمه لم يكف حتى لو كان بعد الرفع من السجود وجبت إعادته .

                                                                                                                              ( فرع ) لو تعارض عليه التنكيس ووضع الأعضاء فالأقرب أنه يراعي التنكيس للاتفاق عليه عند الشيخين بخلاف وضع الأعضاء فإن فيه خلافا ا هـ . قول المتن ( على أعاليه ) وهي رأسه ومنكباه شيخنا وفي سم بعد ذكر مثله عن الشارح في شرحي العباب والإرشاد ما نصه وقضيته إخراج الكفين ويظهر أن إخراجهما غير مراد وأن السكوت عنهما للزوم الارتفاع عليهما بحسب العادة وإن أمكن خلافه بأن يضعهما على دكة مرتفعة أمامه ثم رأيت التنبيه الآتي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإلا فهي ) أي الأسافل ( قوله ولا يرتفع ) الظاهر التأنيث إذا المسند إليه ضمير الأسافل لا موضع الجبهة ( قوله للاتباع ) إلى قوله ولا ينافي في النهاية والمغني ( قوله نعم من به علة إلخ ) هذا الاستدراك يفيد تقييد المتن بالقدر ع ش ( قوله إلا أن يمكنه إلخ ) قد يقال العلة المانعة من الارتفاع لا يزول منعها منه بوضع الوسادة سم أي فالمناسب فإن أمكنه إلخ كما عبر به غيره عبارة المغني والنهاية والأسنى إن كان به علة لا يمكنه معها السجود إلا كذلك صح فإن أمكنه أي العاجز عن وضع جبهته السجود على وسادة بتنكيس لزمه قطعا لحصول هيئة السجود بذلك أو بلا تنكيس لم يلزمه السجود عليها خلافا لما في الشرح الصغير لفوات هيئة السجود بل يكفيه الانحناء الممكن ا هـ قال ع ش قوله م ر إلا كذلك صح أي ولا إعادة عليه وإن شفي بعد ذلك وينبغي أن مراده م ر بقوله لا يمكنه معها إلخ أن يكون فيه مشقة شديدة وإن لم تبح التيمم أخذا مما تقدم في العصابة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وضع نحو وسادة ) أي ليسجد عليها ويبقى ما لو كان لو وضع الوسادة تحت أسافله ارتفعت على أعاليه ولو لم يضعها لم ترتفع فهل يجب م ر الوضع فيه نظر ويحتمل أن هذا ظاهر مما ذكر سم أي فيجب ( قوله نحو وسادة ) الوساد والوسادة بكسر الواو فيهما المخدة والجمع وسائد ووسد [ ص: 75 ] مختار ا هـ ع ش ( قوله ويحصل التنكيس فيجب ) أي وإلا سن نهاية ( قوله ولا ينافي هذا ) أي عدم الوجوب إن لم يحصل التنكيس ( قوله وكان به ) أي بمقدم رأسه أو صدغه ( قوله إنه لو لم يمكنه زيادة الانحناء ) فيه ما مر عن سم آنفا ( قوله وهو محتمل ) لعله بفتح التاء أي قريب ( قوله تنبيه اليدان إلخ ) لعل المراد بهما الكفان سم ( قوله اليدان من الأعالي ) وفي ع ش عن الزيادي مثله




                                                                                                                              الخدمات العلمية