الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              أو لا ( أفارقك حتى أستوفي حقي ) [ ص: 56 ] منك ( فهرب ) يعني ففارقه المحلوف عليه ، ولو بغير هرب كما يعلم مما يأتي ( ولم يمكنه اتباعه لم يحنث ) بخلاف ما إذا أمكنه اتباعه فإنه يحنث ( قلت : الصحيح لا يحنث إذا أمكنه اتباعه والله أعلم ) ؛ لأنه إنما حلف على فعل نفسه فلم يحنث بفعل الغريم سواء أمكنه اتباعه أم لا وفارق مفارقة أحد البائعين الآخر في المجلس وأمكنه اتباعه فإنه ينقطع خيارهما بأن التفريق يتعلق بهما ثم لا هنا ، ومن ثم لو فارقه هنا بإذنه لم يحنث أيضا ، ولو أراد بالمفارقة ما يعمهما حنث ، ولو حلف لا يطلق غريمه فهل هو كلا أفارقه أو كلا أخلي سبيله حتى يحنث بإذنه له في المفارقة وبعدم اتباعه المقدور عليه إذا هرب جزم بعضهم بالثاني وفيه نظر في مسألة الهرب ؛ لأن المتبادر لا يباشر إطلاقه وبالإذن باشره بخلاف عدم اتباعه إذا هرب ( وإن فارقه ) الحالف بما يقطع خيار المجلس ، ولو بمشيه بعد وقوف الغريم مختارا ذاكرا ( أو وقف ) الحالف ( حتى ذهب المحلوف عليه وكانا ماشيين ) حنث لأن المفارقة حينئذ منسوبة للحالف حتى في الثانية ؛ لأنه الذي أحدثها بوقوفه ، أما إذا كانا ساكنين فابتدأ الغريم بالمشي فلا حنث مطلقا كما مر ( أو أبرأه ) حنث ؛ لأنه فوت البر باختياره ( أو احتال ) به ( على غريم ) لغريمه أو أحال به على غريمه ( ثم فارقه ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              . ( قوله : ومن ثم لو فارقه هنا بإذنه لم يحنث ) عبارة الروض وإن فارقه الغريم فلا حنث وإن أذن له . ا هـ . ( قوله : أو أبرأه حنث ) قال في شرح الروض وإن لم يفارقه . ا هـ . ( قوله : أي : المصنف ثم فارقه ) قضيته أنه لا حنث بمجرد الإبراء والحوالة وصرح في شرح الإرشاد بخلافه في الأول ، ولعل الثاني مثله .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله منك ) انظر هل للتقييد به فائدة فيما يأتي ؟ . ا هـ . رشيدي أقول يأتي عن المغني والروض مع شرحه فائدته ومحترزه ( قوله : حتى أستوفي حقي ) ولو قال لا أفارقك حتى تقضيني حقي فدفع له دراهم مقاصيص هل يبر بذلك أم لا ؟ فيه نظر والظاهر الثاني ؛ لأنها دون حقه لنقص قيمتها ووزنها عن قيمة الجيدة ووزنها وإن راجت . ا هـ . ع ش ( قوله مما يأتي ) أي : في قوله أما إذا كانا ساكنين إلخ ( قول المتن : ولم يمكنه اتباعه ) لمرض أو غيره ا هـ مغني ( قوله : بخلاف ما إذا أمكنه اتباعه ) أي : ولم يتبعه وإن أذن له . ا هـ . ( قوله : لا هـ نا ) أي فإنه يتعلق بفعل الحالف فقط ( قوله : لم يحنث أيضا ) كذا في المغني ( قوله : ما يعمهما ) أي : فعل نفسه وفعل غريمه ( قوله : حنث ) أي : بمفارقة المحلوف عليه إذا أمكن الحالف اتباعه ولم يتبعه ( قوله : فهل هو كلا أفارقه ) أي : حتى لا يحنث بإذنه الحالف لمدينه في المفارقة وبعدم اتباعه المقدور عليه إذا هـ رب ( قوله : وجزم بعضهم إلخ ) عبارة النهاية والأوجه فيما سوى مسألة الهرب الثاني وفيها عدم الحنث ؛ لأن المتبادر إلخ ( قوله بالثاني ) أي : الحنث في المسألتين ( قوله : الحالف ) إلى قوله ويقبل في المغني إلا قوله أو عوضه عنه وقوله مطلقا كما مر ( قوله : ذاكرا ) أي لليمين ( قوله : ساكنين ) أي : واقفين . ا هـ . ع ش ( قوله : مطلقا ) أي : سواء أذنه في المشي أم لا ( قوله : كما مر ) أي : في شرح قلت إلخ ( قوله : به ) أي : بحقه ( قول المتن ثم فارقه ) قضيته أنه لا حنث بمجرد الإبراء والحوالة وصرح في شرح الروض بخلافه في الأول ولعل الثاني كذلك . ا هـ . سم أقول صنيع المنهج حيث أسقطه قول المنهاج ثم فارقه كالصريح في ذلك .




                                                                                                                              الخدمات العلمية