الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 74 ] ويجوز إبدال كافر أو مبتدع بمسلم أو سني لا درهم بدينار ولا موسر بفقير لأنهما مقصودان ، ومن ثم لو عين شيئا أو مكانا للصدقة تعين ( فيلزمه ذلك ) أي : ما التزمه ( إذا حصل المعلق عليه ) لخبر البخاري { : من نذر أن يطيع الله فليطعه } وظاهر كلامه أنه يلزمه الفور بأدائه عقب وجود المعلق عليه وهو كذلك خلافا لقضية ما يأتي عن ابن عبد السلام ثم رأيت بعضهم جزم به فقال في إن شفي مريضي فعلي أن أعتق هذا فشفي له مطالبته ويجبر عليه فورا . ا هـ . وفي نحو إن شفي فعبدي حر لا يطالب بشيء ؛ لأنه بمجرد الشفاء يعتق من غير احتياج لإعتاق بخلاف فعلي أن أعتقه ويظهر أن المراد بالشفاء زوال العلة من أصلها وأنه لا بد فيه من قول عدلي طب أخذا مما مر في المرض المخوف أو معرفة المريض ، ولو بالتجربة وإنه لا يضر بقاء آثاره من ضعف الحركة ونحوه

                                                                                                                              وأفتى البغوي في إن شفي فعلي أن أعتق هذا بعد موتي بأنه يلزم قال غيره : الظاهر أن معنى لزومه منع بيعه بعد الشفاء وأنه يجب على الوصي فالقاضي إعتاقه بعد موته أي : عقبه قال : ومقتضى قوله لزم أن التعليق إذا كان في الصحة لا يحسب من الثلث وهو الظاهر كما إذا نذر بدار مستأجرة فلم تنقض إجارتها إلا بعد الموت ، وقوله : بعد موته ليس فيه إلا بيان وقت المطالبة بما تحقق لزومه قبل مرضه ا هـ وفيه نظر ظاهر وإنما يتم ما ذكره إن لم يقل بعد موته ، وأما مع ذكره فلا ينصرف إلا للوصية فليقتصر به على الثلث وبهذا يندفع قياسه وقوله : ليس فيه إلخ ولا يؤيده ما مر أنه لو علق في الصحة العتق بصفة فوجدت في المرض لا باختياره خرج من رأس المال ؛ لأنه هنا لم ينص على المرض ولا وجد فيه باختياره بل هذا يرد عليه ؛ لأنه إذا أوجده في المرض باختباره حسب من الثلث فأولى إذا قال في المرض أو بعد الموت وقوله : أعتق بعد موتي لا تنافي بينهما ؛ لأن إسناد العتق إليه بمباشرة نائبه له مجاز مشهور فعلمنا به لتشوف الشارع إليه وصونا لكلام المكلف عن الإلغاء ما أمكن وخرج بيلتزم نحو إن شفي مريضي عمرت دار فلان أو مسجد كذا فهو لغو ؛ لأنه وعد لا التزام فيه [ ص: 75 ] وبه يرد على من نظر في ذلك نعم إن نوى به الالتزام لم يبعد انعقاده .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ويجوز إبدال كافر أو مبتدع ) فيه أمران أحدهما أنه يتجه أن محله في غير العين وإلا امتنع الإبدال وقضية تصويره بذلك تصوير قوله : ولا موسر بفقير بغير المعين أيضا ولا مانع ؛ لأنه قد يقصد النذر للموسر لأغراض صالحة والثاني أنه لا يبعد أن محل صحة النذر للكافر والمبتدع ما لم يقصده لأجل الكفر والبدعة وإلا لم ينعقد وفاقا في كل ذلك لمر فليتأمل ( قوله : أيضا ويجوز إبدال كافر أو مبتدع ) هل وإن عين ( قوله : إذا حصل المعلق عليه ) ويلزمه ذلك فورا إذا كان لمعين وطالب به وإلا فلا ش م ر . ( قوله : وظاهر كلامه أنه يلزمه الفور إلخ ) قد يقال : المفهوم من العبارة فور اللزوم وهو لا يستلزم فور الأداء . ( قوله : في إن شفي [ ص: 75 ] إلخ ) قوة الصنيع تدل على أن هذا نذر فإن كان كذلك احتيج للفرق بينه وبين ما قدمه في أول الصفحة السابقة فيما لو قال : إن فعلت كذا فعبدي حر ففعله من أن هذا محض تعليق ليس فيه التزام بنحو علي إذ ما هنا لا التزام فيه بنحو علي ، وقد عد في شرح الروض نقلا عن أصله من النذر المنعقد قوله : إن شفى الله مريضي فعبدي حر إن دخل الدار . ا هـ . إلا أن يفرق بأن ذكر الشفاء يصرف إلى النذر أو يفرق بين التعليق بصفتين والتعليق بواحدة وفيه ما فيه .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله ويجوز ) إلى قوله ولا موسر في المغني ( قوله : ويجوز إلخ ) [ ص: 74 ] انظر ما صورة النذر للكافر أو المبتدع وليراجع نظيره المار في الوصية . ا هـ . رشيدي ( قوله : ويجوز إبدال كافر ومبتدع إلخ ) فيه أمران أحدهما أنه يتجه أن محله في غير العين وإلا امتنع الإبدال وقضية تصويره بذلك تصوير قوله : ولا موسر به بفقير بغير المعين أيضا ولا مانع ؛ لأنه قد يقصد النذر للموسر لأغراض صالحة ، والثاني أنه لا يبعد أن محل صحة النذر للكافر والمبتدع ما لم يقصده لأجل الكفر والبدعة وإلا لم ينعقد وفاقا في كل ذلك لمر فليتأمل . ا هـ . سم ونقل بعض المحققين عن الإيعاب ما يوافق الأمر الأول ( قوله : أو مبتدع ) ومثله مرتكب كبيرة . ا هـ . ع ش ( قوله : ولا موسر بفقير ) خلافا للمغني ( قوله : ولا موسر إلخ ) ولعل وجه تعيين الدفع للموسر وجواز العدول عن الكافر والمبتدع للمسلم والسني أن التصدق عليهما قد يكون سببا لبقائهما على الكفر والبدعة بخلاف التصدق على الموسر فإنه لا يترتب عليه شيء . ا هـ . ع ش ( قوله : ومن ثم لو عين شيئا إلخ ) كأن قال لله علي أن أتصدق بهذا أو أتصدق بكذا في مكان كذا ومن ذلك ما لو قال لله علي فعل ليلة للفقراء مثلا فيجب عليه فعل ما اعتيد في مثله ويبر بما يصدق عليه عرفا أنه فعل ليلة ولا يجزئه التصدق بما يساوي ما يصرف على الليلة ويختلف ذلك باختلاف عرف الناذر فإن كان فقيها مثلا اعتبر ما يسمى ليلة في عرف الفقهاء . ا هـ . ع ش ( قول المتن فيلزمه ذلك إلخ ) ( تنبيه ) .

                                                                                                                              لو علق النذر بمشيئة الله أو مشيئة زيد لم يصح وإن شاء زيد لعدم الجزم اللائق بالقرب نعم إن قصد بمشيئة الله تعالى التبرك أو وقع حدوث مشيئة زيد نعمة مقصودة كقدوم زيد في قوله إن قدم زيد فعلي كذا فالوجه الصحة كما صرح به الأذرعي في الأولى وشيخنا في الثانية . ا هـ . مغني ( قوله : وظاهر كلامه ) إلى قوله خلافا عبارة النهاية ويلزمه ذلك فورا إذا كان لمعين وطالب به وإلا فلا . ا هـ . قال ع ش قوله : وإلا فلا دخل فيه ما لو كان لجهة عامة كالفقراء فليراجع وقياس ما في الزكاة وغيرها خلافه فيجب الفور . ا هـ .

                                                                                                                              أقول عبارة المغني والروض مع شرحه ولو نذر لمعين بدراهم مثلا كان له مطالبة الناذر بها إن لم يعطه كالمحصورين من الفقراء لهم المطالبة بالزكاة التي وجبت فإن أعطاه ذلك فلم يقبل برئ الناذر ؛ لأنه أتى بما عليه ولا قدرة له على قبول غيره ولا يجبر على قبوله بخلاف مستحقي الزكاة لأنهم ملكوها بخلاف مستحقي النذر وأيضا الزكاة أحد أركان الإسلام فأجبروا على قبولها خوف تعطيله بخلاف النذر . ا هـ . ( قوله : إن شفي ) أي : مريضي ( قوله : قال ) أي : غير البغوي ومقتضى قوله أي : البلقيني ( قوله : لزم ) الأنسب يلزم ( قوله : لا يحسب ) أي : العتق ( قوله : وقوله ) أي : الناذر ( قوله وبهذا ) أي : قوله وإنما يتم ما ذكره إلخ ( قوله قياسه ) أي : على الدار المستأجرة ( قوله : وقوله إلخ ) عطف على قياسه ( قوله : ولا يؤيده ) أي قول الغير بعدم حسبانه من الثلث ( قوله : لأنه إلخ ) علة لعدم التأييد ( قوله : ولا وجد ) أي الصفة والتذكير بتأويل المعلق به وكذا قوله إذا أوجده أي : المعلق به ( قوله : بينهما ) أي : بين قوله أعتق وقوله بعد موتي ( قوله : وخرج ) إلى المتن في النهاية إلا قوله وبه إلى نعم وقوله وبحث إلى ولو شك ( قوله : بيلتزم ) أي : في المتن ( قوله : عمرت دار فلان [ ص: 75 ] إلخ ) خرج به ما لو قال فعلي عمارة دار فلان أو مسجد كذا فتلزمه العمارة ويخرج من عهدة ذلك بما يسمى عمارة لمثل ذلك الدار أو المسجد عرفا . ا هـ . ع ش ( قوله : وبه ) أي : التعليل ( قوله : في ذلك ) أي : في إلغاء نحو إن شفي مريضي عمرت دار فلان إلخ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية