الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا ) نذر ( واجب ) عيني كصلاة الظهر أو مخير كأحد خصال كفارة اليمين مبهما بخلاف خصلة معينة منها على ما بحث أو واجب على الكفاية تعين بخلاف إذا لم يتعين فيصح نذره احتيج في أدائه لمال كجهاد وتجهيز ميت أم لا كصلاة جنازة وذلك ؛ لأنه لزم عينا بإلزام الشرع قبل النذر فلا معنى لالتزامه ، ولو نذر ذو دين حال أن لا يطالب غريمه فإن كان معسرا لغي ؛ لأن إنظاره واجب ، أو موسرا وفي الصبر عليه فائدة له كرجاء غلو سعر بضاعته [ ص: 81 ] لزمه ؛ لأن القربة فيه ذاتية حينئذ أو ليس فيه ذلك لغا إذ لا قربة فيه كذلك حينئذ هذا ما يظهر في ذلك ، وإن أطلق كثيرون أن الحال يتأجل بالنذر كالوصية وله فيما إذا قيد بأن لا يطالبه أن يحيل عليه وأن يوكل من يطالبه وأن يبيعه لغيره على القول به وأن يطالب ضامنه ، ولو أسقط المدين حقه من هذا النذر لم يسقط ، ولو نذر أن لا يطالبه مدة فمات قبلها فلوارثه مطالبته كما قاله أبو زرعة وغيره وردوا قول الإسنوي ومن تبعه بخلافه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 80 ] قوله : كأحد خصال كفارة اليمين ) هذا إذا وجبت عليه كفارة ثم نذرها فلو نذر أحد خصالها من غير وجوب ، فأصح الآراء عدم اللزوم وإن كان ما نذره أعلى . ( قوله : بخلاف خصلة معينة إلخ ) بخلاف ما إذا نذر أعلاها ش م ر أي : سواء عبر بأعلاها أو عين ما هو الأعلى في الواقع ( قوله : ولو نذر ذو دين حال أن لا يطالب غريمه إلخ ) وكثيرا ما تنذر المرأة أنها ما دامت في عصمته لا تطالب زوجها بحال صداقها وهو حينئذ نذر تبرر إن رغبت حال نذرها في بقائها في عصمته ولها أن توكل في مطالبته وأن تحيل عليه ؛ لأن النذر شمل فعلها فقط فإن زادت فيه ولا بوكيلها ولا تحيل عليه ، لزم وامتنع جميع ذلك كما أفتى بهشيخنا الشهاب الرملي رحمه الله تعالى شرح م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : عيني ) إلى قوله ولو نذر ذو دين في المغني إلا ما سأنبه عليه وإلى المتن في النهاية إلا قوله أو ليس فيه إلى وله فيما إذا وقوله وأن يبيعه إلى ولو أسقط وما سأنبه عليه ( قوله بخلاف خصلة معينة إلخ ) عبارة النهاية بخلاف ما لو التزم أعلاها . ا هـ . أي : سواء عبر بأعلاها أو عين ما هو الأعلى في الواقع سم وعبارة المغني ولو نذر خصلة معينة من خصاله هل ينعقد كفرض الكفاية أو لا ينعقد إلا أعلاها بخلاف العكس أو لا ينعقد بالكلية رجح شيخنا الأول والزركشي الثاني وقال إنه القياس والقاضي الثالث وهو أوجه ؛ لأن الشارع نص على التخيير فلا يغير ا هـ وعلم بهذا أن ما في الشارح موافق لما رجحه شيخ الإسلام وما في النهاية موافق لما رجحه الزركشي ( قوله : أو واجب إلخ ) عطف على واجب عيني ( قوله : وذلك ) أي عدم صحة نذر الواجب ( قوله : وفي الصبر ) إلى لزمه عبارة النهاية قصد إرفاقه لارتفاع سعر سلعته ونحو ذلك قال الرشيدي - [ ص: 81 ] قوله : قصد إرفاقه إلخ أي : بخلاف ما إذا لم يكن في الإنظار رفق أو كان ولم يقصد الإرفاق كما هو ظاهر فليراجع . ا هـ . ( قوله : لزمه إلخ ) وهو مع ذلك باق على حلوله لكن منع من المطالبة به مانع وكثيرا ما تنذر المرأة أنها ما دامت في عصمته لا تطالب زوجها بحال صداقها وهو حينئذ نذر تبرر إن رغبت حال نذرها في بقائها في عصمته ولها أن توكل في مطالبته وأن تحيل عليه ؛ لأن النذر شمل فعلها فقط فإن زادت فيه ولا بوكيلها ولا تحيل عليه لزم وامتنع جميع ذلك كما أفتى به الوالد رحمه الله ا هـ نهاية قال ع ش ومع ذلك أي : الامتناع فلو خالفت وأحالت عليه فينبغي صحة الحوالة ؛ لأن الحرمة لأمر خارج وكذلك لو وكلت فليراجع . ا هـ . وفيه نظر ظاهر

                                                                                                                              ( قوله : فيما إذا قيده بأن لا يطالبه ) أي بخلاف ما إذا عمم فقال لا يطالبه ولا ضامنه لا بنفسه ولا بوكيله ولا يبيعه لغيره ( قوله : على القول به ) أي : بجواز بيع الدين لغير من هو عليه وهو الراجح ( قوله ولو أسقط المدين حقه ) كأن قال لمن نذر أن لا يطالبه أسقطت أستحقه عليك من عدم المطالبة فإنه لا يسقط بل تمتنع المطالبة مع ذلك هذا وقد يشكل هذا بما مر من أنه يشترط عدم الرد وقوله أسقطت أستحقه إلخ رد للنذر اللهم إلا أن يقال إن ما هنا مصور بما إذا لم يرد أولا واستقر النذر فلا يسقط بإسقاطه بعد وما مر مصور بما إذا رد من أول الأمر . ا هـ . ع ش وقوله اللهم إلا أن يقال إن ما هنا إلخ فيه نظر ولعل الأوجه أن يقال إن ما تقدم مخصوص بالمنذور العيني

                                                                                                                              ( قوله ولو نذر أن لا يطالبه مدة إلخ ) انظر هل مثله ما لو نذر بقاءه في ذمته مدة فمات قبلها ؟ ا هـ رشيدي والأقرب أنه ليس للوارث المطالبة في هذه ( قوله فلوارثه مطالبته ) ؛ لأن النذر إنما شمل فعل نفسه فقط أخذا مما مر . ا هـ . ع ش وقضيته أنه لو نذر أن لا يطالبه مدة هو ولا وارثه بعده امتنع مطالبة الوارث أيضا فليراجع .




                                                                                                                              الخدمات العلمية