الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فروع ) .

                                                                                                                              لو نذر التصدق بجميع ماله لزمه إلا بساتر عورته وإن كان عليه دين مستغرق من غير حجر كما بينته في كتابي قرة العين ببيان أن التبرع لا يبطله الدين ، ومر أنه لو نذر التصدق بمال بعينه زال عن ملكه بمجرد النذر فلو قال علي أن أتصدق بعشرين دينارا [ ص: 97 ] وعينها على فلان أو إن شفي مريضي فعلي ذلك فشفي ملكها وإن لم يقبضها ، ولا قبلها لفظا بل وإن رد كما مر فله التصرف فيها وينعقد حول زكاتها من حين النذر ، وكذا إن لم يعينها ولم يردها المنذور له فتصير دينا له عليه ويثبت لها أحكام الديون من زكاة وغيرها كالاستبدال عنها وكذا الإبراء منها

                                                                                                                              وقول ابن العماد : لا يصح الإبراء منها كما لو انحصر مستحقو الزكاة وملكوها ليس لهم الإبراء مردود ، وقد قال ابن الرفعة القياس جواز الاعتياض والإبراء في الزكاة وإنما منع منهما التعبد وظاهر كلام الإمام جوازهما فيها ففي النذر أولى ، وكذا له الدعوى والمطالبة بها خلافا للزركشي والحلف لو نكل الناذر ويورث عنه كما في مستحقي الزكاة إذا انحصروا قال الإسنوي : وإنما لم يجبر المستحق هنا على القبول بخلافه في الزكاة ؛ لأن الناذر هو الذي كلف نفسه ، والزكاة أوجبها الشارع ابتداء فالامتناع منها يؤدي إلى تعطيل أحد أركان الإسلام ا هـ وفرق أيضا بأن مستحقي الزكاة ملكوها بخلاف مستحقي النذر وفيه نظر بل لا يصح إطلاقه لما تقرر من أنهم ملكوه أيضا بتفصيله المذكور

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : إلا بساتر عورته ) ظاهره أنه لا يبقى له زيادة على ساتر العورة وإن لم يدفع .

                                                                                                                              [ ص: 97 ] عنه بردا أو حرا يفضي إلى الهلاك أو إلى مبيح التيمم وفيه نظر . ( قوله : ولم يردها المنذور له ) فعلم أن النذر على فلان إن كان بمعين لم يرتد بالرد وإلا ارتد ( قوله : وفرق أيضا إلخ ) الفارق شرح الروض .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : لو نذر التصدق بجميع ماله إلخ ) . ( فروع )

                                                                                                                              لو نذر أن يشتري للتصدق بدرهم خبزا لزمه التصدق بخبز قيمته درهم ، ولا يلزمه شراؤه نظرا للمعنى لأن القربة إنما هي التصدق لا الشراء ، ولو قال : ابتداء مالي صدقة أو في سبيل الله فلغو ؛ لأنه لم يأت بصيغة الالتزام فإن علق قوله المذكور بدخول مثلا كقوله : إن دخلت الدار فمالي صدقة فنذر لجاج فإما أن يتصدق بكل ماله ، وإما أن يكفر كفارة يمين إلا أن يكون المعلق به مرغوبا فيه كقوله إن رزقني الله دخول الدار أو إن دخلت الدار وأراد ذلك فمالي صدقة فيجب التصدق عينا ؛ لأنه نذر تبرر ، ولو قال : بدل صدقة في سبيل الله تصدق بكل ماله على الغزاة . ا هـ . مغني

                                                                                                                              زاد الأسنى عقبه ما نصه في الأول بعد الاختيار ، وفي الثاني مطلقا قال الزركشي : والأشبه تخصيص لزوم التصدق بكل ماله فيما تقرر بما إذا لم يكن عليه دين لا يرجو وفاءه ، ولا له من تلزمه مؤنته ، وهو يحتاج إلى صرفه له فإن كان كذلك لم ينعقد نذره بذلك لعدم تناوله له ؛ لأنه يحرم عليه التصدق بما يحتاج إليه لذلك ، وسبقه إلى نحو ذلك الأذرعي . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إلا بساتر عورته ) ظاهره أنه لا يبقي زيادة على ساتر العورة وإن لم يدفع عنه بردا أو حرا يفضي إلى الهلاك أو إلى ما يبيح التيمم ، وفيه نظر . ا هـ . سم .

                                                                                                                              ( قوله : وإن كان عليه دين إلخ ) خلافا لما مر آنفا عن الزركشي والأذرعي . ( قوله : ومر ) أي : في شرح ، وإن لم يعلقه [ ص: 97 ] بشيء إلخ . ( قوله : وعينها ) أي : في النذر . ( قوله : على فلان ) متعلق بقوله أن أتصدق . ( قوله : ذلك ) أي : التصدق بهذه العشرين دينارا على فلان . ( قوله : كما مر ) أي : في أوائل الباب في شرح وإن لم يعلقه بشيء إلخ . ( قوله : ولم يردها إلخ ) فعلم أن النذر على فلان إن كان بمعين لم يرتد بالرد ، وإلا ارتد . ا هـ . سم . ( قوله : وإنما منع منهما التعبد ) أي : ، ولا تعبد في النذر لمعين ، وكذا المحصور .

                                                                                                                              ( قوله : وظاهر كلام الإمام إلخ ) الظاهر أنه من مقول قال . ( قوله لما تقرر ) أي : آنفا




                                                                                                                              الخدمات العلمية