الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإن كان ) من عادته أنه ( يهدي ) إليه قبل الولاية ، والترشح لها لنحو قرابة ، أو صداقة ولو مرة فقط كما أشعر به كلامهم واعتمده الزركشي وعليه فإشعار كان في المتن بالتكرار غير مراد ( ولا خصومة ) له حاضرة ولا مترقبة ( جاز ) قبول هديته إن كانت ( بقدر العادة ) قيل : كالعادة ليعم الوصف أيضا أولى . ا هـ . وقد يجاب بأن القدر قد يستعمل في الكيف كالكم وذلك لانتفاء التهمة حينئذ بخلافها بعد الترشح ، أو مع الزيادة فيحرم قبول الكل إن كانت الزيادة في الوصف كأن اعتاد الكتان فأهدي إليه الحرير ، وكذا في القدر على الأوجه الذي اقتضاه كلام الشيخين وغيرهما . ولا يأتي فيه تفريق الصفقة ؛ لأن محله إن تميز الحرام ، ومن ثم قال البلقيني كمجلي إذا تميزت الزيادة حرمت فقط .

                                                                                                                              وزعم أنه يلزم من زيادة القدر التميز ممنوع ولو أهدي له بعد الحكم حرم القبول أيضا إن كان مجازاة له ، وإلا فلا كذا أطلقه شارح ويتعين حمله على مهد معتاد أهدي إليه بعد الحكم له . وجوز له السبكي في حلبياته قبول الصدقة ممن لا خصومة له ، ولا عادة وخصه في تفسيره بما إذا لم يعرف المتصدق أنه القاضي وعكسه واعتمده ولده ، وهو متجه ، وإلا لأشكل بما يأتي في الضيافة . وبحث غيره القطع بحل أخذه للزكاة وينبغي تقييده بما ذكر وألحق الحسباني بالأعيان المنافع المقابلة بمال عادة كسكنى دار ، بخلاف غيرها كاستعارة كتاب علم وأكله طعام بعض أهل ولايته ضيفا كقبول هديتهم كما علم مما مر . وتردد السبكي في الوقف عليه من أهل عمله . والذي يتجه فيه وفي النذر أنه إن عينه باسمه وشرطنا القبول كان كالهدية له ، وكذا لو وقف على تدريس هو شيخه ، فإن عين باسمه امتنع ، وإلا فلا ويصح إبراؤه عن دينه ؛ إذ لا يشترط فيه قبول ، وكذا أداؤه عنه بغير إذنه بخلافه بإذنه بشرط عدم الرجوع . وبحث التاج السبكي أن خلع الملوك أي : التي من أموالهم كما هو [ ص: 138 ] ظاهر ليست كالهدية بشرط اعتيادها لمثله وأن لا يتغير بها قلبه عن التصميم على الحق . وسائر العمال مثله في نحو الهدية ، لكنه أغلظ هذا ما أفتى به جمع واعتمده السبكي . وقول البدر بن جماعة بالحل لهم ضعيف جدا مصادم للحديث المشهور { هدايا العمال غلول } ولما سأل السبكي شيخه ابن الرفعة عن هذا التخالف فأجابه بأنهم إن كافئوا عليها ولو بدجاجة لم يحرم قال : أتوهم أن الحامل له على هذا الجواب عدم موافقته للطائفتين ، أو عدم إتقانه للمسألة والله يغفر لنا وله . ا هـ .

                                                                                                                              ( والأولى ) لمن جاز له قبول الهدية ( أن يثيب عليها ) ، أو يردها لمالكها ، أو يضعها في بيت المال وأولى من ذلك سد باب القبول مطلقا حسما للباب .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : [ ص: 137 ] كالعادة ) مبتدأ . ( قوله : أيضا كالعادة ) أي : هذا اللفظ وقوله : أولى خبر . ( قوله أيضا : أولى ) من بقدر العادة . ( قوله : فإن عين باسمه ) أي : وشرطنا القبول . ( قوله : بشرط عدم الرجوع ) قد يؤخذ من مفهومه جواز إقراضه [ ص: 138 ] قوله : وسائر العمال ) هل منهم ناظر الوقف ؟ ( قوله : وسائر العمال في نحو الهدية ) ولا يلحق بالقاضي فيما ذكره المفتي ، والواعظ ومعلم القرآن ، والعلم ؛ لأنهم ليس لهم أهلية الإلزام ، والأولى في حقهم إن كانت الهدية لأجل ما يحصل منهم من الإفتاء ، والوعظ ، والتعليم عدم القبول ليكون عملهم خالصا لله تعالى ، وإن أهدي إليهم تحببا وتوددا لعلمهم وصلاحهم فالأولى القبول ، وأما إذا أخذ المفتي الهدية ليرخص في الفتوى فإن كان بوجه باطل فهو رجل فاجر يبدل أحكام الله تعالى ويشتري بها ثمنا قليلا ، وإن كان بوجه صحيح فهو مكروه كراهة شديدة ش م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : من عادته ) إلى قوله : وزعم أنه في النهاية . ( قوله : والترشح ) أي : التهيؤ . ا هـ . ع ش ( قوله : قيل : كالعادة إلخ ) أي كان الأولى التعبير به وإسقاط قوله : بقدر . ا هـ . ع ش عبارة سم قوله : كالعادة مبتدأ أي : هذا اللفظ وقوله : أيضا أي : كالقدر وقوله : أولى خبر أي : من بقدر العادة . ا هـ . ( قوله : ليعم الوصف أيضا ) علة متوسطة بين جزأي المدعي . ( قوله : وقد يجاب إلخ ) لا يخفى أن هذا الجواب لا يدفع الأولوية ؛ إذ حاصله إنما هو تصحيح العبارة . ا هـ . رشيدي ( قوله : وذلك ) راجع إلى ما في المتن . ( قوله : وكذا في القدر ) إلى قوله : وزعم إلخ عبارة النهاية ، فإن كانت في القدر ولم يتميز فكذلك أي : يحرم الجميع ، وإلا حرم الزائد فقط . ا هـ . وعبارة المغني وفي الذخائر ينبغي أن يقال : إن لم يتميز الزيادة أي : بجنس أو قدر حرم قبول الجميع وإلا فالزيادة فقط ؛ لأنها حدثت بالولاية وصوبه الزركشي وهو ظاهر إن كان للزيادة وقع ، وإلا فلا عبرة بها . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ويتعين حمله ) أي : قوله : وإلا فلا على مهد معتاد إلخ ، وإلا حرم القبول مطلقا . ( قوله : أهدى إليه ) أي : كالعادة . ( قوله : وجوز له السبكي ) إلى قوله : ويؤخذ من علته في النهاية إلا قوله : هذا ما أفتى إلى المتن ( قوله : وخصه في تفسيره إلخ ) عبارة تفسيره ، وإن لم يكن المتصدق عارفا بأنه القاضي ولا القاضي عارفا بعينه فلا شك في الجواز انتهت . ا هـ . رشيدي ( قوله : وعكسه ) أي : بأن لم يعرف القاضي أنه من أهل ولايته . ا هـ . ع ش وقد يخالفه ما مر من حرمة قبول الهدية من غير المعتاد في محل ولايته مطلقا فالأولى ما مر عن الرشيدي .

                                                                                                                              ( قوله : وبحث غيره ) أي : غير السبكي . ( قوله : بما ذكر ) أي : عن تفسير السبكي أي : وبما إذا لم يتعين الدفع إليه كما مر عن المغني . ( قوله : وألحق ) إلى قوله : كما علم في المغني ( قوله : وألحق الحسباني بالأعيان إلخ ) جزم به المغني . ( قوله : كما مر ) أي : في شرح ، فإن أهدى إليه إلخ . ( قوله : وشرطنا القبول ) معتمد في الوقف دون النذر . ا هـ . ع ش . ( قوله : فإن عين باسمه ) أي : وشرطنا القبول . ا هـ . سم أي : كما هو المعتمد . ( قوله : إبراؤه ) من إضافة المصدر إلى مفعوله ، والضمير للقاضي . ( قوله : بشرط عدم الرجوع ) قد يؤخذ من مفهومه جواز إقراضه [ ص: 138 ] ا هـ سم . ( قوله : وسائر العمال ) هل منهم ناظر الوقف ؟ . ا هـ . سم عبارة ع ش ومنهم مشايخ الأسواق ، والبلدان ومباشر الأوقاف وكل من يتعاطى أمرا يتعلق بالمسلمين . ا هـ . ( قوله : وسائر العمال مثله إلخ ) ولا يلتحق بالقاضي فيما ذكر المفتي ، والواعظ ومعلم القرآن ، والعلم ؛ لأنهم ليس لهم أهلية الإلزام ، والأولى في حقهم وإن كان الهدية لأجل ما يحصل منهم من الإفتاء ، والوعظ ، والتعليم عدم القبول ليكون عملهم خالصا لله تعالى ، وإن أهدي إليهم تحببا وتوددا لعلمهم وصلاحهم فالأولى القبول وأما إذا أخذ المفتي الهدية ليرخص في الفتوى ، فإن كان بوجه باطل فهو رجل فاجر يبدل أحكام الله تعالى ويشتري بها ثمنا قليلا ، وإن كان بوجه صحيح فهو مكروه كراهة شديدة شرح م ر . ا هـ . سم .

                                                                                                                              ( قوله : لهم ) أي لسائر العمال . ( قوله : للحديث المشهور إلخ ) وروي { هدايا العمال سحت } وروي { هدايا السلطان سحت } . ا هـ . مغني ( قوله : عن هذا التخالف ) أي : بين الجمع والبدر بن جماعة ( قوله : بأنهم إلخ ) أي : سائر العمال وقوله : عليها أي الهدية . ( قوله : قال ) أي : السبكي . ( قوله : أن الحامل له ) أي : لابن الرفعة . ( قوله : لمن جاز ) إلى قوله : وإفتاء المعلم في المغني إلا قوله : وأولى إلى المتن وقوله : ولا سماعه لشهادة وقوله : وإن نازع فيه ابن الرفعة وغيره . ( قوله : وأولى من ذلك إلخ ) ( فروع )

                                                                                                                              ليس للقاضي حضور وليمة أحد الخصمين حالة الخصومة ولا حضور وليمتهما ولو في غير محل الولاية وله تخصيص إجابة من اعتاد تخصيصه قبل الولاية ويندب له إجابة غير الخصمين إن عمم المولم النداء لها ولم يقطعه كثرة الولائم عن الحكم ، وإلا فيترك الجميع ، ويكره له حضور وليمة اتخذت له خاصة ، أو للأغنياء ودعي فيهم بخلاف ما لو اتخذت للجيران أو للعلماء وهو فيهم ولا يضيف أحد الخصمين دون الآخر . ولا يلحق بما ذكر المفتي ، والواعظ ومعلم القرآن ، والعلم . وللقاضي أن يشفع لأحد الخصمين ويزن عنه ما عليه ؛ لأنه ينفعهما وأن يعيد المرضى ويشهد الجنائز ويزور القادمين ولو كانوا متخاصمين ؛ لأن ذلك قربة قال في أصل الروضة : فإن لم يمكنه التعميم أتى بممكن كل نوع وخص من عرفه وقرب منه . ا هـ . مغني .




                                                                                                                              الخدمات العلمية