الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويسن لمن نابه شيء ) في صلاته ( كتنبيه إمامه ) إذا سها ( وإذنه لداخل ) أي مريد دخول استأذن فيه ( وإنذاره أعمى ) أو نحوه كغافل أو غير مميز أن يقع به مهلك أو نحوه ( أن يسبح ) الذكر المحقق أي يقول سبحان الله بقصد الذكر وحده أو مع التنبيه ( وتصفق المرأة ) والخنثى للحديث الصحيح بذلك قيل قضية عبارته [ ص: 149 ] سن التنبيه مطلقا مع أنه قد يجب وقد يسن وقد يباح ا هـ . ويرد بأنها لا تقتضي ذلك بل إن السنة في سائر صور التنبيه التسبيح للذكر والتصفيق لغيره ، وهو كذلك فلو صفق وسبحت فخلاف السنة خلافا لمن زعم حصول أصلها وأشار بالأمثلة الثلاثة إلى أحكام التنبيه فالأول لندبه والثاني لإباحته والثالث لوجوبه فيلزمه إن توقف الإنقاذ عليه بالقول أو الفعل ومع ذلك تبطل بكثيرهما وبحث ندب التسبيح لها بحضرة نساء أو محارم كالجهر بالقراءة وفيه نظر .

                                                                                                                              لأن أصل القراءة مندوب لها بخلاف التسبيح للتنبيه وإذا صفقت فالسنة أن يكون ( بضرب ) بطن ، وهو الأولى أو ظهر ( اليمين على ظهر اليسار ) وهذان أولى من عكسهما كما أفاده المتن ، وهو ضرب بطن أو ظهر اليسار على ظهر اليمين وبقي صورتان ضرب ظهر اليمين على بطن اليسار وعكسه ولا يبعد أنهما مفضولان بالنسبة لتلك الأربع لأن المفهوم من صنيعهم أن تكون اليمين هي العاملة وأن كون العمل ببطن كفها كما هو المألوف أولى ثم كل ما كان أقرب إلى هذه وأبعد عن البطن على البطن الذي هو مكروه يكون أولى مما ليس كذلك ومحل ذلك حيث لم تقصد اللعب وإلا بطلت ما لم تجهل البطلان بذلك وتعذر وقول جمع في ضرب البطن على البطن لا بد مع قصد اللعب من علم التحريم ينافيه تصريحهم الشامل لسائر صور التصفيق بأن محل عدم بطلان الصلاة بالفعل القليل وإن أبيح ما لم يقصد به اللعب وفي تحريم ضرب البطن خارج الصلاة وجهان لأصحابنا وشرطه أن يقل ولا يتوالى نظير ما يأتي في دفع المار واقتضاء بعض العبارات [ ص: 150 ] أنه لا يضر مطلقا أشار في الكفاية إلى حمله على ما إذا كانت اليد ثابتة والمتحرك إنما هو الأصابع فقط .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وتصفق المرأة ) توهم بعض الطلبة أن التصفيق بقصد . [ ص: 149 ] الإعلام فقط مبطل كالتسبيح بقصد الإعلام فقط ، وهو خطأ بل لا بطلان بالتصفيق وإن قصد به مجرد الإعلام ولو من الذكر م ر ( قوله سن التنبيه ) أراد به ما يشمل الإذن والإنذار ( قوله لمن زعم حصول أصلها ) ينبغي حصول أصلها وأن لا يبطل بالتصفيق المحتاج إليه في الإعلام وإن كثر وتوالى ولو من الذكر م ر ( قوله تبطل بكثيرهما ) ظاهره عدم البطلان بقليل القول الأجنبي وفيه نظر إلا أن يريد التفصيل في المفهوم .

                                                                                                                              ( قوله وفيه نظر ) وافقه م ر ( قوله بطلت ) بقي ما لو ضربت بطنا على بطن لا بقصد اللعب لكنه كثر وتوالى فيحتمل البطلان ؛ لأنه فعل كثير غير مطلوب ويحتمل عدمه ؛ لأنه من جنس المطلوب ( قوله بطلت ) وكذا إذا أقام الشخص أصبعه الوسطى لاعبا معه كما أفتى به الشهاب الرملي ( قوله ما لم تجهل البطلان بذلك وتعذر ) أي فإن جهلته وعذرت فلا بطلان وفيه بحث ؛ لأن عدم البطلان حينئذ إن قيد بعلم التحريم أو كان أعم منه أشكل بل القياس البطلان حينئذ كما قالوا به فيمن علم حرمة الكلام وجهل البطلان به وإن قيد بجهل التحريم اقتضى اعتبار العلم بالتحريم في البطلان ، وهو مناف لمنازعته فيه بقوله وقول جمع إلخ فتأمل ( قوله وقول جمع ) أي منهم شيخ الإسلام وقوله لا بد إلخ اعتمده م ر ( قوله ينافيه تصريحهم إلخ ) لك منع المنافاة ؛ لأن قوله وإن أبيح إن لم يكونوا صرحوا به فظاهر وإن صرحوا به فيجوز أن يكون معناه وإن أبيح في نفسه فلا ينافي حرمته عند قصد اللعب وأن يشترط في البطلان به حينئذ العلم بحرمته فليتأمل ( قوله وفي تحريم إلخ ) صرح الزركشي بالحرمة وقوله وشرطه أن يقل إن أريد بالقلة ما دون الثلاث لم يحتج لقوله ولا يتوالى بل لا يصح أو [ ص: 150 ] ما يشمل الثلاث والأكثر فلا وجه لاشتراط القلة مع عدم التوالي فتأمله ( قوله أنه لا يضر مطلقا ) أفتى به شيخنا الشهاب الرملي وفرق بينه وبين دفع المار وإنقاذ نحو الغريق بأن الفعل فيها خفيف فأشبه تحريك الأصابع في مسبحة أو حك إن كانت كفه قارة كما سيأتي فإن لم تكن كفه قارة أشبه تحريكها للجرب بخلافه في ذينك ش م ر ويمكن أن يفرق بأن من شأن المار الاندفاع بالقليل فإن من شأن العاقل إذا علم أن الدافع يصلي اندفع عنه بأدنى إشارة .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله في صلاته ) إلى قول المتن بضرب إلخ في المغني إلا قوله خلافا إلى وأشار ( قوله كغافل إلخ ) أي ومن قصده ظالم مغني ( قوله أو غير مميز ) هذا محل تأمل إذ الظاهر أنه لا يفيده التسبيح ولا التصفيق إلا أن يراد التمييز التام قول المتن ( وتصفق المرأة ) توهم بعض الطلبة أن التصفيق بقصد الإعلام فقط مبطل كالتسبيح بذلك القصد ، وهو خطأ بل لا بطلان بالتصفيق وإن قصد به مجرد الإعلام ولو من الذكر م ر ا هـ سم ( قوله بقصد الذكر وحده إلخ ) فإن قصد التفهيم فقط بطلت صلاته وإن قال في المهذب إنها لا تبطل ؛ لأنه مأمور به وسكت عليه المصنف ، وكذا إن أطلق مغني ( قوله . [ ص: 149 ] سن التنبيه إلخ )

                                                                                                                              أراد به ما يشمل الإذن والإنذار سم ( قوله وقد يباح ) أي وقد يحرم كالتنبيه لشخص يريد قتل غيره عدوانا وقد يكره كالتنبيه للنظر المكروه ع ش ( قوله ويرد إلخ ) حاصل الجواب أن المصنف إنما أراد التفرقة بين حكم الرجل وغيره بالنسبة إلى التسبيح والتصفيق ولم يرد بيان حكم التنبيه وعلى هذا يفوته حكم التنبيه هل هو واجب أو مندوب أو مباح وإن أشار إلى ذلك بالأمثلة مغني ( قوله للذكر ) أي المحقق ( قوله فلو صفق ) إلى المتن في النهاية إلا قوله خلافا إلى وأشار ( قوله فخلاف السنة ) أي وليس مكروها ع ش ( قوله لمن زعم حصول أصلها ) ينبغي حصول أصلها وأن لا تبطل بالتصفيق المحتاج إليه في الإعلام وإن كثر وتوالى ولو من الذكر م ر ا هـ سم وقوله وأن لا تبطل إلخ في النهاية ما يفيده ( قوله بكثيرهما ) ظاهره عدم البطلان بقليل القول الأجنبي وفيه نظر ظاهر إلا أن يريد التفصيل في المفهوم سم عبارة المغني والنهاية وإذا لم يحصل الإنذار الواجب إلا بالفعل المبطل أو بالكلام وجب وبطلت صلاته بالأول ، وكذا بالثاني على الأصح ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وبحث إلخ ) البحث للزركشي ووافقه شيخنا في شرح الروض ولم يعزه إليه مغني ( قوله وفيه نظر إلخ ) والمعتمد إطلاق كلام الأصحاب مغني ونهاية ( قوله وإذا صفقت إلخ ) يظهر أو صفق الرجل على خلاف السنة فليراجع ( قوله وهو ) أي عكسهما ( قوله وبقي إلخ ) اقتصر النهاية والمغني على الصور الأربع المتقدمة ( قوله ومحل ذلك ) أي جواز التصفيق مع الندب في غير صورة ضرب البطن على البطن ومع الكراهة فيها ( قوله وإلا بطلت إلخ ) أي لأنه مناف للصلاة ولهذا أفتى شيخنا الشهاب الرملي ببطلان صلاة من أقام لشخص أصبعه الوسطى لاعبا معه نهاية ومغني وسم ( قوله ما لم تجهل البطلان وتعذر ) أي فإن جهلته وعذرت فلا بطلان وفيه بحث ؛ لأن عدم البطلان حينئذ إن قيد بعلم التحريم أو كان أعم منه أشكل بل القياس البطلان حينئذ كما قالوا به فيمن علم حرمة الكلام وجهل البطلان به وإن قيد بجهل التحريم اقتضى اعتبار العلم بالتحريم في البطلان ، وهو مناف لمنازعته فيه بقوله وقول جمع إلخ فتأمله ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله وقول جمع ) أي منهم شيخ الإسلام ( قوله لا بد إلخ ) اعتمده م ر ا هـ سم وكذا اعتمده النهاية والمغني ( قوله ينافيه تصريحهم إلخ ) لك منع المنافاة ؛ لأن قوله وإن أبيح إن لم يكونوا صرحوا به فظاهر وإن كان صرحوا به فيجوز أن يكون معناه وإن أبيح في نفسه فلا ينافي حرمته عند قصد [ ص: 150 ] اللعب وأن يشترط في البطلان به حينئذ العلم بحرمته فليتأمل سم ( قوله وجهان ) رجح الزركشي منهما التحريم ، وهو المعتمد كذا بهامش وينبغي أن محله ما لم يحتج إليه كما يقع الآن ممن يريد أن ينادي إنسانا بعيدا عنه ونقل عن م ر ما يوافق ذلك وفي فتاوى م ر سئل عن التصفيق خارج الصلاة لغير حاجة فأجاب إن قصد الرجل بذلك اللهو أو التشبه بالنساء حرم وإلا كره انتهى وعبارة حج في شرح الإرشاد ويكره على الأصح الضرب بالقضيب على الوسائد ومنه يؤخذ حل ضرب إحدى الراحتين على الأخرى ولو بقصد اللعب وإن كان فيه نوع طرب ثم رأيت الماوردي والشاشي وصاحبي الاستقصاء والكافي ألحقوه بما قبله ، وهو صريح فيما ذكرته وأنه يجري فيه خلاف القضيب والأصح منه الحل فيكون هذا كذلك انتهت ا هـ ع ش ( قوله وشرطه ) أي شرط عدم البطلان بالتصفيق .

                                                                                                                              ( قوله أن يقل ) إن أريد بالقلة ما دون الثلاث لم يحتج لقوله ولا يتوالى بل لا يصح أو ما يشمل الثلاث والأكثر فلا وجه لاشتراط القلة مع عدم التوالي فتأمله سم ( قوله إنه لا يضر مطلقا ) أفتى به شيخنا الشهاب الرملي سم واعتمده النهاية والمغني فقالا واللفظ للأول وشمل كلامه أي المصنف ما لو كثر منها وتوالى وزاد على الثلاث عند حاجتها فلا تبطل به كما في الكفاية وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى وفرق بينه وبين دفع المار وإنقاذ نحو الغريق بأن الفعل فيها خفيف فأشبه تحريك الأصابع في سبحة أو حك إن كانت كفه قارة كما سيأتي فإن لم تكن فيه قارة أشبه تحريكها للجرب بخلافه في ذينك وقد { أكثر الصحابة رضي الله عنهم التصفيق حين جاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله تعالى عنه يصلي بهم ولم يأمرهم بالإعادة } ا هـ قال ع ش قوله م ر ما لو كثر منها ، وكذا من الرجل كما يدل عليه استدلاله الآتي سم على المنهج ، وهو قوله وقد أكثر الصحابة إلخ وقوله م ر وزاد على الثلاث إلخ ظاهره وإن كان بضرب بطن على بطن وقوله م ر فيها أي في مسألة التصفيق ا هـ ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية