الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وكذا ) يستثنى ( في قول نجس ) غير مغلظ وليس بفعله على الأوجه ( لا يدركه ) لقلته ولو احتمالا بأن شك أيدركه أو لا فيما يظهر عملا بالأصل ( طرف ) أي بصر معتدل مع فرض مخالفة لون الواقع عليه له [ ص: 96 ] فلا ينجس ، وإن تعددت محاله ولو اجتمع لكثر على خلاف يأتي في نظيره في شروط الصلاة رطبا للمشقة أيضا أي نظرا لما من شأنه ، ومن ثم مثلوه بنقطة خمر ( قلت ذا القول أظهر ) من القول الآخر الذي لا يستثنى هذا ( والله أعلم ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله غير مغلظ ) كذا قيد وخولف ( قوله [ ص: 96 ] ولو اجتمع لكثر ) عبارة شرح الإرشاد ولو كان بمواضع متفرقة ، ولو اجتمع لرئي لم يعف عنه كما صرح به الغزالي وغيره ا هـ وقد يتجه العفو إذا كان المجموع يسيرا عرفا كما قاله شيخ الإسلام ، وقد أقر م ر شيخ الإسلام على قوله إن الوجه التصوير باليسير عرفا لا بوقوعه في محل واحد ثم قال : وقيد بعضهم العفو عما يدركه الطرف بما إذا لم يكثر بحيث يجتمع منه في دفعات ما يحس وهو كما قال ا هـ فليتأمل مع ما قبله ( قوله رطبا ) وكذا جاف كثوب وبدن جافين كما هو ظاهر وكذا يعفى عنه لا كل ما اتصل به كما قال الشارح في شرح العباب اعتراضا على عدم جامعية تعريف النجاسة الذي ذكره ما نصه ؛ لأن من النجس ما يحل تناوله كنجاسة لا يدركها الطرف اتصلت بمأكول فإنه يحل تناوله على الأصح وهو من جملته ثم قال وكغبار سرجين اتصل بطعام أو دخل الفم لا يحرم ابتلاعه وكذا قليل دخان النجاسة .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( نجس لا يدركه إلخ ) فإن قيل كيف يتصور العلم بوجوده أجيب بما إذا عف الذباب على نجس رطب ، ثم وقع في ماء قليل أو مائع فإنه لا ينجس مع أنه علق في رجله نجاسة لا يدركها الطرف ، ويمكن تصويره أيضا بما إذا رآه قوي البصر دون معتمد له فإنه لا ينجس أيضا شيخنا وبجيرمي ( قوله غير مغلظ ) وفاقا لشيخ الإسلام ، واعتمد النهاية والمغني أنه لا فرق بين المغلظ وغيره ( قوله وليس بفعله ) وفاقا للنهاية عبارته ولو رأى ذبابة على نجاسة أي رطبة فأمسكها حتى ألصقها ببدنه أو ثوبه أو طرحها في نحو ماء قليل اتجه التنجيس قياسا على ما لو ألقي ما لا نفس له سائلة ميتة في ذلك ا هـ .

                                                                                                                              وبه يعلم ما في حاشية شيخنا والبجيرمي من أن ابن حجر قيد العفو بما إذ ا لم يكن بفعله ، وظاهر كلام الرملي الإطلاق إلا أن يحمل قولهم وظاهر كلام الرملي على ما في غير النهاية عبارة الكردي على شرح بافضل قوله ولم يحصل بفعله كذلك التحفة وغيرها ، واعتمده الزيادي وجزم به الحلبي ونقل سم على المنهج عن الجمال الرملي أنه ارتضى العفو ، وإن حصل بفعله وقال القليوبي سواء وقع بنفسه أو بفعل فاعل ولو قصدا بدليل إطلاقه مع التفصيل في الميتة ، وبعضهم قيده بما إذا لم يكن عن قصد انتهى ، وعبر الشارح في الإمداد بقوله ولم يحصل بفعله كما بحثه الزركشي لكن ينازع فيه العفو عن قليل دم نحو القملة المقتولة قصدا إلا أن يفرق بأن ذاك يحتاج إليه بخلاف هذا انتهى .

                                                                                                                              وفيما نقله عن سم ما مر ( قوله لقلته ) كنقطة بول وخمر وما يعلق بنحو رجل ذبابة عند الوقوع في النجاسة فيعفى عن ذلك في الماء وغيره مغني ونهاية ( قوله أي بصر ) إلى المتن في النهاية والمغني إلا قوله ولو اجتمع إلى رطبا ( قوله أي بصر معتدل ) أي من غير واسطة الشمس قليوبي عبارة النهاية والعبرة بكونه لا يرى للبصر المعتدل مع عدم مانع فلو رأى قوي النظر ما لا يراه غيره قال الزركشي فالظاهر العفو كما في نداء الجمعة نعم يظهر فيما لا يدركه البصر المعتدل في الظل ويدركه بواسطة الشمس أنه لا أثر لإدراكه له بواسطتها لكونها تزيد في التجلي فأشبهت رؤيته حينئذ رؤية حديد البصر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله مع فرض مخالفته إلخ ) علم بذلك أن يسير الدم ونحوه مما لا يعفى عن قليله إذا وقع على ثوب أحمر ، وكان بحيث لو قدر أنه أبيض رئي لم يعف عنه ، وإن لم ير على الأحمر نهاية قال ع ش قوله م ر مما لا يعفى عن قليله أي كدم المنافذ أو دم اختلط بغيره فلا يقال إن يسير الدم يعفى عنه ، ثم الكلام [ ص: 96 ] فيما لو فرض بالفعل وخالف أما لو اتفق أنه لم يفرض أصلا وشك في كونه يدركه الطرف أو لا لم يضر للشك في النجاسة به ، ونحن لا ننجس مع الشك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فلا ينجس إلخ ) ولو وقع الذباب على دم ، ثم طار ووقع على نحو ثوب اتجه العفو جزما ؛ لأنا إذا قلنا بالعفو في الدم المشاهد فلأن نقول به فيما لم يشاهد منه بطريق الأولى نهاية ( قوله ولو اجتمع إلخ ) خلافا لشيخ الإسلام والنهاية والمغني عبارة الثاني ، ومقتضى كلامه أي المصنف أنه لا فرق بين وقوعه في محل ووقوعه في محال وهو قوي لكن قال الجيلي صورته أن يقع في محل واحد ، وإلا فله حكم ما يدركه الطرف على الأصح قال ابن الرفعة في كلام الإمام إشارة إليه كذا نقله الزركشي وأقره وهو غريب .

                                                                                                                              قال الشيخ والأوجه تصويره باليسير عرفا لا بوقوعه في محل ا هـ زاد المغني وهو حسن ا هـ .

                                                                                                                              وفي النهاية بعد ذلك كلام آخر قد يخالف ما مر منه كما أشار إليه سم والبصري لكن حمله ع ش على ما يوافق الأول وارتضى به شيخنا عبارته أي شيخنا ومقتضى كلام الشارح أنه لا فرق في النجاسة المذكورة بين أن تكون في محل واحد أو محال لكن قيد بعضهم العفو عما لا يدركه الطرف بما إذا لم يكثر بحيث يجتمع منه ما يحس قال الرملي في شرحه وهو كما قال ا هـ أي حيث كثر عرفا وإلا فيعفى عنه كما قاله الشبراملسي عليه وأطلق عطية العفو ؛ لأن العبرة بكل موضع على حدته ا هـ .

                                                                                                                              وقال الرشيدي إن معتمد النهاية ما ذكره آخرا بقوله لكن قيد بعضهم إلخ ، وأن قوله أولا قال الشيخ والأوجه إلخ إنما هو مجرد حكاية لما استوجهه الشيخ ا هـ واعتمد سم أيضا ما قاله شيخ الإسلام بما نصه عبارة شرح الإرشاد ولو كان بمواضع متفرقة ولو اجتمع لرئي لم يعف عنه كما صرح به الغزالي وغيره انتهت ، ويتجه العفو إذا كان المجموع يسيرا عرفا كما قاله شيخ الإسلام وأقره محمد الرملي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله رطبا ) وكذا جافا كثوب وبدن جافين كما هو ظاهر ، وكذا يعفى عنه لا كل ما اتصل به كما قال الشارح في شرح العباب ما نصه إن من النجس ما يحل تناوله كنجاسة لا يدركها الطرف اتصلت بمأكول فإنه يحل تناوله على الأصح وكغبار سرجين اتصل بطعام أو دخل الفم لا يحرم ابتلاعه ، وكذا قليل دخان النجاسة انتهى سم ( قوله أي نظرا إلخ ) عبارة الكردي أي من شأنه أن يشق وإن كان بعض الأفراد لا يشق الاحتراز عنه كنقطة خمر قال في شرح العباب ألا ترى أندم نحو البراغيث يعفى عن كثيره ولو في ناحية تندر فيها البراغيث نظرا لاعتبار ما من شأنه وجنسه إلخ انتهى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لما من شأنه ) أي المشقة .




                                                                                                                              الخدمات العلمية