الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويستديرون ) أي المأمومون ندبا إن صلوا ( في المسجد الحرام حول الكعبة ) كما فعله ابن الزبير رضي الله عنهما وأجمعوا عليه ويوجه بأن فيه إظهارا لتمييزها وتعظيمها وتسوية بين الكل في توجههم إليها وبه يتجه إطلاقهم ذلك الشامل لكثرة الجماعة وقلتهم خلافا لمن قيد الندب بكثرتهم ويندب أن يقف الإمام خلف المقام للاتباع ومعلوم مما مر في الاستقبال أنه لو وقف صف طويل في أخريات المسجد الحرام صح بقيده السابق ثم ( ولا يضر كونه أقرب إلى الكعبة في غير جهة الإمام في الأصح ) إذ لا يظهر بذلك مخالفة فاحشة بخلافه من في جهته ويؤخذ من هذا الخلاف القوي [ ص: 304 ] أن هذه الأقربية مكروهة مفوتة لفضيلة الجماعة وهو محتمل بل متجه كالانفراد عن الصف بل أولى ؛ لأن الخلاف المذهبي أحق بالمراعاة من غيره ولو توجه أحدهما للركن فكل من جانبيه جهته .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ويستديرون أي المأمومون ندبا إن صلوا في المسجد الحرام حول الكعبة ( قوله : وتسوية بين الكل ) فيه تأمل ( قوله : [ ص: 304 ] إن هذه الأقربية مكروهة ) انظر المساواة ( قوله : مفوتة لفضيلة الجماعة ) أفتى بالفوات شيخنا الشهاب الرملي ( قوله : بل متجه ) اعتمده م ر ( قوله : لأن الخلاف المذهبي أحق ) في إطلاقه نظر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ويستديرون إلخ ) أي ، والاستدارة أفضل من الصفوف ويصرح به قول الشارح م ر استحبابا ع ش ودعوى التصريح محل تأمل إذ قد يتفاوت السنن بالنسبة لشيء واحد ولذا جمع المغني بين ندب الاستدارة وأفضلية الصفوف منها على طريق نقل المذهب كما يأتي نعم ظاهر صنيع النهاية والشارح أفضلية الاستدارة ( قوله : أي المأمومون ) إلى قوله ومعلوم في النهاية وكذا في المغني إلا قوله كما فعله إلى ويوجه ( قوله : ندبا ) أي فيكره في حق من هو في غير جهة الإمام عدم الاستدارة ع ش قول المتن ( قوله : في المسجد الحرام ) أي ، وإن لم يضق خلافا للزركشي نهاية ويأتي في الشرح ما يفيده وزاد المغني عقب ذلك لكن الصفوف أفضل من الاستدارة . ا هـ . ( قوله : لتميزها إلخ ) أي الكعبة ( قوله : وتسوية بين الكل إلخ ) فيه تأمل سم عبارة البجيرمي قوله إليها أي إلى جميع جهاتها وإلا فلو وقفوا صفا خلف صف فقد توجهوا إليها . ا هـ .

                                                                                                                              وهذا التفسير ظاهر تعليل المغني بقوله لاستقبال الجميع ا هـ أي بإضافة المصدر إلى مفعوله ولك أن تدفع الإشكال بأن معنى قول الشارح في توجههم إليها في توجه كل من المقتدين إلى الكعبة المشرفة بلا حائل ما أمكن ( قوله : وبه ) أي بذلك التوجيه و ( قوله : ذلك ) أي ندب الاستدارة ( قوله : لمن قيد إلخ ) وهو الزركشي نهاية ومغني ( قوله : خلف المقام ) قال شيخنا الزيادي وظاهر أن المراد بخلفه ما يسمى خلفه عرفا وأنه كلما قرب منه كان أفضل ابن حجر انتهى وأشار بذلك إلى دفع ما يقال كان المناسب أن يقول أمام المقام يعني بأن يقف قبالة بابه ؛ لأنه إذا وقف خلف المقام واستقبل الكعبة صار المقام خلف ظهره ع ش وعبارة البجيرمي وفي القليوبي قوله خلف المقام أي بحيث يكون المقام بين الإمام ، والكعبة ؛ لأن وجهه أي بابه كان من جهتها انتهى أي فالتعبير بالخلف صحيح بالنظر إلى ما كان أولا وأن ما هو عليه الآن قد حدث فالتوقف إنما هو بالنظر إليه

                                                                                                                              وأما بالنظر لحاله الأول فلا وقفة أصلا قال سم ولا نظر لتفويت ركعتي الطواف ثم على الطائفين ؛ لأنهم ليسوا أولى منه على أن هذا الزمن قصير ويندر وجود طائف حينئذ فكان حق الإمام مقدما انتهى . ا هـ . ( قوله : للاتباع ) أي له صلى الله عليه وسلم وللصحابة من بعده شرح المنهج ( قوله : بقيده السابق ) وهو الانحراف بحيث لو قرب من الكعبة لما خرج من سمتها واعتمد المغني الصحة مطلقا وظاهر النهاية موافقة الشارح كما وضحه الرشيدي مشيرا إلى رد ما جرى عليه ع ش من حمل كلام النهاية على موافقة ما في المغني من الصحة ، وإن كانوا بحيث يخرج بعضهم عن سمتها لو قربوا وفي البجيرمي بعد ذكر الخلاف المذكور ما نصه وجزم البرماوي بوجوب الانحراف وهو المعتمد . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إذ لا تظهر ) إلى قوله وشمل في النهاية ( قوله : بخلافه في جهته ) فلو توجه الإمام الركن الذي فيه الحجر مثلا فجهته مجموع جهتي جانبيه فلا يتقدم عليه المأموم المتوجه له ولا لإحدى جهتيه نهاية ومغني ويأتي في الشرح ما يفيده قال ع ش انظر هل من الجهتين الركنان المحاذيان للجهتين زيادة على الركن الذي استقبله الإمام أو لا حتى لا يضر تقدم المستقبلين لذينك الركنين على الإمام فيه نظر والأقرب الضرر فتكون جهة الإمام ثلاثة أركان من جهة الكعبة . ا هـ . ( قوله : [ ص: 304 ] أن هذه الأقربية مكروهة إلخ ) انظر المساواة سم على حج أقول يحتمل الكراهة أخذا من كراهة مساواته له في القيام المتقدم ويحتمل الفرق بأن سبب الكراهة هنا الخلاف القوي وهو منتف في المساواة ولم يظهر بها مساواته للإمام في الرتبة حيث اختلفت الجهة ولعل هذا أقرب ثم رأيت في كلام شيخنا العلامة الشوبري ما يوافقه ع ش وفي هامش سم ما نصه قوله سم انظر المساواة يمكن أنها خلاف الأولى لا مكروهة ؛ لأنا لم نحكم بالكراهة إلا لوجود قوة الخلاف في القرب ولا خلاف في المساواة . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : مفوتة لفضيلة الجماعة ) وقد أفتى بفواتها شيخنا الشهاب الرملي نهاية وسم ( قوله : ولو توجه أحدهما إلخ ) أما لو وقف الإمام بين الركنين فجهته تلك الجهة ، والركنان المتصلان بها من الجانبين ع ش ( قوله : فكل من جانبيه إلخ ) أي مع الركنين المتصلين بهما زيادة على الركن الذي استقبله الإمام كما مر عن ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية