الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( أو ) اشتبه ( ماء وبول ) لنحو انقطاع ريحه ( لم يجتهد ) فيهما ( على الصحيح ) ؛ لأن البول لا أصل له في التطهير يرد بالاجتهاد إليه [ ص: 107 ] ولا نظر لأصله لاستحالته إلى حقيقة أخرى مغايرة للماء اسما وطبعا بخلاف الماء المتنجس فاندفع تفسيرالزركشي له بإمكان رده للطهارة بوجه وهو في الماء ممكن بمكاثرته دون البول انتهى على أن فيه غفلة عن قولهم لو كان مع جمع ماء كثير لا يكفيهم إلا ببول يستهلك فيه ولا يغيره لاستهلاكه به لزمهم خلطه به قيل له الاجتهاد هنا لشرب ما يظن طهارته وهو غفلة عما يأتي في نحو خمر وخل ولبن أتان ولبن مأكول ( بل ) هنا وفيما يأتي انتقالية لا إبطالية كما هو الأكثر فيها ، ومن ثم قال جمع محققون لم يقع الثاني في القرآن ؛ لأنه في الإثبات إنما يكون من باب الغلط فزعم ابن هشام أن هذا وهم غير صحيح ( يخلطان ) عطف على جملة لم يجتهد أو يصبان أو يصب من أحدهما في الآخر ، واحتمال أنه صب من الطاهر فهو باق على طاهريته ليس أولى من ضده فلم ينظر إليه على أن المدار على أن لا يكون معه طهور بيقين ، وبذلك الصب لا يبقى معه طهور بيقين فلا إشكال أصلا وبهذا أعني جعلهم من التلف صب شيء من أحدهما في الآخر يتأيد قول القمولي كالرافعي يشترط لجواز الاجتهاد أن لا يقع من أحد المشتبهين شيء في الآخر لتنجس هذا بيقين فزال التعدد المشترط كما سيأتي انتهى .

                                                                                                                              نعم تعليله غير صحيح ، وإنما ألحق تعليله بما ذكرته فإن قلت يشكل عليه ما في زوائد الروضة وجرى عليه القمولي أيضا [ ص: 108 ] أنه لو اغترف من دنين فيهما ماء قليل أو مائع في إناء فرأى فيه فأرة اجتهد وإن اتحدت المغرفة مع أنهما حينئذ إما نجسان إن كانت في الأول أو الثاني إن كانت فيه فهو نجس يقينا فزال التعدد المشترط قلت يفرق بأن الاجتهاد هنا لحل التناول ولو في الماءين القليلين فكفى فيه لضعفه بعدم توقفه على النية التعدد صورة ليتناول الأول أو يتركه ، ثم رأيت الفنيني استشكل الاجتهاد في مسألة الروضة بأن الثاني متيقن النجاسة وشرط الاجتهاد أن لا تتيقن نجاسة أحدهما بعينه ، ثم أجاب عنه بقوله : ولعل ذلك إذا جهل الثاني بعد ذلك أي فحينئذ يجتهد ليظهر له الثاني من الأول ورأيتني في شرح العباب بسطت الكلام في ذلك فراجعه فإنه مهم ومنه الجواب عن الإشكال المستلزم لتناقض القمولي بأن الاجتهاد هنا إنما هو لبيان محل الفأرة وكل من الإناءين يحتمل أنه محلها فالمجتهد فيه باق على تعدده بخلافه ثم ، ونبه بالخلط على بقية أنواع التلف فلا اعتراض عليه ( ثم يتيمم ) بعد نحو الخلط فلا يصح قبله هنا وفيما إذا تحير المجتهد أو اختلف اجتهاده أو غير ذلك كأن تحير الأعمى ولم يجد من يقلده أو وجده وتحير أو اختلف عليه اثنان ولا مرجح ؛ لأن معه ماء طاهرا بيقين له قدرة على إعدامه وبه فارق التيمم بحضرة ماء منعه منه نحو سبع .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله عن قولهم إلخ ) أي الدال على إمكان ما ذكر في البول أيضا فليتأمل ( قوله إنما يكون من باب الغلط ) قد يكون الإبطال ببل لإبطال قول نحو الكفار فلا محذور في وقوعه في القرآن ( قوله يشترط لجواز الاجتهاد إلخ ) قد يقال هلا جاز الاجتهاد حينئذ ، وفائدته أنه قد يظهر أن ما صب منه في الآخر هو الطاهر فيستعمله فلم منع الاجتهاد ( قوله فزال التعدد المشترط ) أي وهو ما معه طهارة أحدهما بيقين ، وحينئذ يصح التعليل ( قوله نعم تعليله غير صحيح ) قد يقال أراد التعدد الخاص ، وقد يرشد إلى ذلك الوصف بالمشترط ولعمري إن [ ص: 108 ] هذا ظاهر ( قوله وإن اتحدت ) ضبب بينه وبين قوله حينئذ ( قوله ليظهر له الثاني من الأول ) انظر ما فائدة ظهور ذلك إلا أن يقال ظهر له بدليل أن الفأرة من الثاني من غير تعيين الثاني ، فيحتاج إلى تعيينه بالاجتهاد بدليل ( قوله لبيان محل الفأرة ) أي وإذا بان محلها ، وأنه الثاني فينبغي أن يجوز له استعمال الأول وحينئذ يشكل منع الاجتهاد فيما إذا صب من أحدهما في الآخر بل كان ينبغي الجواز فربما ظهر له أن النجس هو المصبوب فيه فيستعمل الآخر ، ثم رأيت شيخنا الشهاب البرلسي مال إلى الجواز ومنع قول شيخ الإسلام في شرح البهجة بمنع الاجتهاد إذا قطر من أحد الإناءين في الآخر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله لنحو انقطاع ريحه ) عبارة النهاية ونحوه انقطعت رائحته ا هـ وعبارة المغني أو نحوه كأن انقطعت رائحته ا هـ قول المتن ( لم يجتهد على الصحيح ) أي للطهارة فلو اجتهد للشرب جاز له الطهارة بعد ذلك بما ظنه ماء قاله [ ص: 107 ] الماوردي واعتمده طب وم ر ورده حج سم على المنهج وسيأتي في الشارح م ر ما يعلم أن جوازه للشرب لم يقله الماوردي .

                                                                                                                              وإنما بحثه الأذرعي وأن الشارح م ر موافق لحج في منع الاجتهاد وهذا محله عند الاختيار فلو اضطر للشرب كان له الهجوم والشرب من أحدهما بدون الاجتهاد ، ومثل ذلك ما لو اختلط إناء بأواني بلد ، واشتبه فيأخذ ما شاء إلى أن يبقى واحد وله الاجتهاد في هذه الحالة إذ لا مانع منه ع ش ( قوله ولا نظر لأصله ) أي إلى أن أصله ماء ( قوله لاستحالته إلخ ) أي ؛ لأن المراد بقولهم له أصل في التطهير عدم استحالته عن خلقته الأصلية كالمتنجس والمستعمل فإنهما لم يستحيلا عن أصل خلقتهما إلى حقيقة أخرى بخلاف نحو البول وماء الورد فإن كلا منهما قد استحال إلى حقيقة أخرى نهاية وإيعاب ( قوله فاندفع ) أي بتفسيري قولهم له أصل في التطهير بعدم استحالته إلى حقيقة أخرى إلخ تفسير الزركشي له أي لقولهم المذكور وقوله وهو أي الرد ( قوله على أن فيه ) أي تفسير الزركشي ( قوله عن قولهم لو كان إلخ ) أي الدال على إمكان ما ذكر في البول أيضا فليتأمل سم ( قوله قيل له الاجتهاد إلخ ) سيأتي عن النهاية نقله عن بحث الأذرعي مع رده ( قوله عما يأتي ) أي في التنبيه ( قوله بل هنا وفيما يأتي انتقالية ) كذا في المحلى والنهاية والمغني ( قوله كما هو ) أي الانتقال ( قوله : لأنه في الإثبات إنما يكون إلخ ) قد يكون الإبطال ببل لإبطال قول نحو الكفارة فلا محذور في وقوعه في القرآن سم .

                                                                                                                              ( قوله إن هذا إلخ ) أي قول الجمع ( قوله عطف على جملة لم يجتهد ) بناء على ما قال ابن مالك إن بل لعطف الجمل فسقط بذلك ما قيل إن الصواب حذف النون ؛ لأنه مجزوم بحذفها عطفا على يجتهد لكن الأصح خلاف ما قاله ابن مالك إذ شرط العطف ببل إفراد معطوفها أي كونه مفردا فإن تلاها جملة لم تكن عاطفة بل حرف ابتداء لمجرد الإضراب نهاية زاد المغني ولا يجوز عطف يخلطان على يجتهد وأن يقرأ بحذف النون كما قاله بعض الشراح لفساد المعنى إذ يصير التقدير بل لم يخلطا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو يصبان إلخ ) عطف على يخلطان ( قوله أو يصب من أحدهما إلخ ) أي وإن كان المصبوب قدرا لا يدركه الطرف ، ومحل العفو عن ذلك إذا لم يكن بفعله كما تقدم ع ش ( قوله على أن المدار ) أي مدار صحة التيمم وقول الكردي أي مدار التلف سبق قلم ( قوله فلا إشكال ) أي على جعل الصب من أحدهما في الآخر من أنواع التلف ( قوله يشترط لجواز إلخ ) قد يقال هلا جاز الاجتهاد حينئذ ، وفائدته أنه قد يظهر أن ما صب منه في الآخر هو الطاهر فيستعمله فلم منع الاجتهاد سم ( قوله نعم تعليله غير صحيح ) أقول بل هو صحيح فإن الإشارة بهذا إلى المصبوب فيه وهو نجس يقينا ؛ لأنه إن كان النجس فظاهر أو الطاهر فقد صب فيه من الآخر النجس ، وحينئذ فيسقط عن الاعتبار ولم يبق إلا إناء واحد مشكوك فيه فاتضح صحة كلام هذين الإمامين الجليلين بصري عبارة سم قد يقال أراد التعدد الخاص ، وقد يرشد إلى ذلك الوصف بالمشترط ولعمري إن هذا لظاهر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإنما ألحق تعليله ) أي تعليل اشتراط جواز الاجتهاد بأن لا يقع من أحدهما شيء في الآخر بما ذكرته أي بأنه لا يبقى بذلك الصب معه طهورا بيقين ( قوله يشكل عليه ) أي على ما قاله القمولي من اشتراط جواز الاجتهاد [ ص: 108 ] بأن لا يقع من أحدهما شيء في الآخر ( قوله أنه لو اغترف إلخ ) عبارة المغني فرع لو اغترف من دنين في كل منهما ماء قليل أو مائع في إناء واحد فوجد فيه فأرة ميتة لا يدري من أيهما هي اجتهد فإن ظنها من الأول واتحدت المغرفة ولم تغسل بين الاغترافين حكم بنجاستهما ، وإن ظنها من الثاني أو من الأول واختلفت المغرفة أو اتحدت وغسلت بين الاغترافين حكم بنجاسة ما ظنها فيه ا هـ وأقره ع ش .

                                                                                                                              ( قوله حينئذ ) ضبب بينه وبين قوله وإن اتحدت المغرفة سم أي حين إذ اتحدت المغرفة أي ولم تغسل بين الاغترافين كما مر عن المغني آنفا ( قوله هنا ) أي في مسألة زوائد الروضة ( قوله ولو في الماءين القليلين ) انظر هل هذا مناف لما قدمه آنفا من قوله وهو غفلة إلخ ( قوله فكفى فيه ) أي في الاجتهاد هنا لضعفه أي حل التناول ( قوله ليتناول الأول ) أي ما في الإناء الأول إن ظن طهارته بالاجتهاد ( قوله في مسألة الروضة ) أي زوائد الروضة ( قوله ولعل ذلك ) أي جواز الاجتهاد في مسألة الروضة وقوله بعد ذلك أي الاغتراف من الدنين ( قوله ليظهر له الثاني إلخ ) نظر ما فائدة ظهور ذلك إلا أن يقال قد يظهر له بدليل أن الفأرة من الثاني من غير تعيين الثاني فيحتاج إلى تعيينه بالاجتهاد بدليل سم .

                                                                                                                              ( قوله عن الإشكال المستلزم إلخ ) وذلك هو قوله فإن قلت يشكل إلخ ووجه الاستلزام أن القمولي في ذلك جرى على ما في الروضة وقيل تبع الرافعي في أنه يشترط لجواز الاجتهاد أن لا يقع من أحد المشتبهين شيء في الآخر كردي ( قوله لبيان محل الفأرة ) أي ، ثم إذا بان محلها وأنه الثاني فينبغي أن يجوز استعمال الأول كردي زاد سم وحينئذ يشكل منع الاجتهاد فيما إذا صب من أحدهما في الآخر بل كان ينبغي الجواز فربما ظهر له أن النجس هو المصبوب فيه فيستعمل الآخر ، ثم رأيت شيخنا الشهاب البرلسي مال إلى الجواز ، ومنع قول شيخ الإسلام في شرح البهجة بمنع الاجتهاد إذا قطر من أحد الإناءين في الآخر سم ( قوله بخلافه ثم ) أي فيما إذا صب من أحدهما شيء في الآخر ( قوله فلا اعتراض عليه ) يتأمل ( قوله بعد نحو الخلط ) إلى قوله وبه فارق في المغني وإلى قوله ؛ لأن النظر في النهاية ما يوافقه ( قوله بعد نحو الخلط ) تفسير لثم ( قوله فلا يصح ) أي التيمم ( قوله وبه فارق ) أي بقوله ؛ لأن معه ماء طاهرا إلخ ع ش ومعلوم أن محط الفرق قوله له قدرة إلخ




                                                                                                                              الخدمات العلمية